لعدم (١) تعلق غرض به بعد وضوح ما هو محلّ الكلام بحسب الأحكام من أفراده ما ومصاديقه ، حيث لا يكون بمفهومه العام محلا لحكم من الأحكام.
ثم الظاهر (٢) : أن ما ذكر له من الأقسام ـ من الاستغراقي والمجموعي والبدلي ـ إنّما هو باختلاف كيفيّة تعلق الأحكام به ، وإلا فالعموم في الجميع بمعنى واحد ، وهو شمول المفهوم لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه.
غاية الأمر : أن تعلق الحكم به (٣) تارة : بنحو يكون كل فرد موضوعا على حدة للحكم ، وأخرى : بنحو يكون الجميع موضوعا واحدا ، بحيث لو أخلّ بإكرام واحد في «أكرم كل فقيه» مثلا ، لما امتثل أصلا ، بخلاف الصورة الأولى ، فإنه أطاع وعصى ، وثالثة بنحو : يكون كل واحد موضوعا على البدل ، بحيث لو أكرم واحدا منهم ، لقد أطاع وامتثل ، كما يظهر لمن أمعن النظر وتأمل.
وقد انقدح (٤) : أن مثل شمول عشرة وغيرها لآحادها المندرجة تحتها ليس من
______________________________________________________
(١) تعليل لقوله : «لا بيان ما هو حقيقته». وحاصل التعليل : إن الغرض لم يتعلق ببيان حقيقة العام ؛ لعدم ترتب أثر عليها حتى يعرّف بالتعريف الحقيقي ، كما أن قوله :
«حيث» تعليل لعدم تعلق غرض بما هو حقيقة العام يعني : حيث لا يكون العام بمفهومه العام محلا لحكم من الأحكام فإن الحكم مترتب على الأفراد ؛ لا على المفهوم.
أقسام العموم
(٢) قد تقدم تفصيل الكلام في أقسام العموم ، مع إشارة إلى الفرق بينها في مقام الثبوت والسقوط ، ومقصود المصنف من انقسام العام إلى ثلاثة أقسام : بيان منشأ تلك الأقسام ، وقد عرفت : أن منشأ هذه الأقسام إنما هو اختلاف كيفية تعلق الأحكام به ـ لا اختلاف مفهوم العام على ما قيل ـ لما عرفت من : أن مفهوم العام في جميع الأقسام واحد ، وهو شموله لجميع ما يصلح له.
(٣) أي : بالعام إشارة إلى العام الاستغراقي ، و «أخرى» : إشارة إلى العام المجموعي ، و «ثالثة» : إشارة إلى العام البدلي.
والفرق بينها في مقام الامتثال : أن العام الاستغراقي يطاع بفعل واحد ، ويعصى بترك آخر ، والعام المجموعي يطاع بفعل الجميع ويعصى بترك واحد ، والعام البدلي يطاع بفعل واحد من الأفراد ويعصى بترك الجميع ، فالعام المجموعي والبدلي متعاكسان في الإطاعة والمعصية.
(٤) أي : قد اتضح من قوله : «وإلا فالعموم في الجميع بمعنى واحد ..» إلخ أن أسماء