.. وذلك (١) لأن الفعل أو دوامه لم يكن متعلقا لإرادته ، فلا يستلزم نسخ أمره بالنهي تغيير إرادته ، ولم يكن الأمر بالفعل من جهة كونه مشتملا على مصلحة ، وإنما كان إنشاء الأمر به ، أو إظهار دوامه عن حكمة ومصلحة.
وأما البداء في التكوينيات ـ بغير ذلك المعنى (٢) ـ فهو (٣) مما دل عليه الروايات المتواترات (٤) ، كما لا يخفى.
ومجمله (٥) ، أن الله «تبارك وتعالى» إذا تعلّقت مشيئته تعالى بإظهار ثبوت ما
______________________________________________________
فالمتحصل : هو عدم جواز النسخ بمعنى الرفع لأجل الوجهين المذكورين ، وهما : لزوم البداء المحال ، ولزوم امتناع النسخ أو الحكم المنسوخ.
وحاصل جواب المصنف : أن النسخ يكون بمعنى الدفع ، فلا يلزم شيء من المحذورين المذكورين.
(١) تعليل لعدم لزوم البداء المستحيل ، وعدم لزوم امتناع النسخ أو الحكم المنسوخ. وحاصله : أنه مع عدم تعلق الإرادة الجدية لا يلزم شيء من المحاذير.
فالنتيجة هي : أن النسخ ـ في التشريعيات ـ عبارة عن دفع الحكم ثبوتا ورفعه إثباتا ، وعدم توقفه على حضور وقت العمل ، وعدم لزوم تغيّر إرادة ولا امتناع نسخ ولا منسوخ منه.
البداء في التكوينيات
(٢) أي : المعنى المستحيل في حقه «تبارك وتعالى» ، الذي تقدمت استحالته لكونه مستلزما لتغيّر إرادته واقعا ؛ كأن يخبر بعذاب قوم يونس ، ثم لا يعذبهم ، أو يخبر بموت العروس ليلة الزفاف ثم لا تموت ، إلى غير ذلك.
(٣) أي : البداء في التكوينيات بغير ذلك المعنى المحال ، المستلزم للجهل ، فقد رواه في الوافي في باب البداء عن أبي عبد الله «عليهالسلام» قال : «إن الله لم يبد له من جهل» وفي نفس الباب عن أبي عبد الله «عليهالسلام» قال : «ما بدا لله في شيء إلا كان في علمه قبل أن يبدو له».
(٤) أي : التي ذكرت في الوافي في باب البداء. تركنا ذكرها رعاية للاختصار.
(٥) أي : ومجمل معنى البداء في التكوينيات هو : إظهار ثبوت شيء لمصلحة مع عدم ثبوته واقعا ، وعدم تعلق إرادة جدّية بثبوته ، والنبي أو الولي المأمور بإظهاره قد يكون عالما بحقيقة الحال ، وأنه لا ثبوت له واقعا ، وقد لا يكون عالما بها ؛ لعدم اتصاله إلا بلوح المحو والإثبات.