المقابل للعبادات ، فالمعوّل هو ملاحظة القرائن في خصوص المقامات ، ومع عدمها لا محيص عن الأخذ بما هو قضية صيغة النهي من الحرمة ، وقد عرفت أنّها (١) غير مستتبعة للفساد لا لغة ولا عرفا.
نعم (٢) ؛ ربّما يتوهم استتباعها له شرعا من جهة دلالة غير واحد من الأخبار عليه.
منها : ما رواه في الكافي (*) والفقيه (**) عن زرارة عن الباقر «عليهالسلام» : سأله عن مملوك تزوّج بغير إذن سيّده ، فقال : «ذلك إلى سيّده ، إن شاء أجازه وإن شاء فرّق بينهما» ، قلت : ـ أصلحك الله تعالى ـ إنّ حكم بن عتيبة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون : إنّ أصل النكاح فاسد ولا يحلّ إجازة السيّد له ، فقال أبو جعفر «عليهالسلام» : «إنّه لم يعص الله ، إنّما عصى سيّده ، فإذا أجاز فهو له جائز» ، حيث دل بظاهره على أن النكاح لو كان مما حرّمه الله تعالى عليه كان فاسدا.
______________________________________________________
على عدم ظهور النهي في المعاملات بالمعنى الأعم في الإرشاد إلى الفساد ، فحينئذ إذا كانت هناك قرينة على إرادة معنى خاص منه ، فلا إشكال في لزوم حمل النهي عليه ، وإلّا فلا بدّ من إرادة ظاهره وهو الحرمة.
كما أشار إليه بقوله : «ومع عدمها لا محيص عن الأخذ بما هو قضية صيغة النهي من الحرمة». وكلمة «من» في قوله : «من الحرمة» بيان للموصول في قوله : «بما هو».
(١) أي : قد عرفت : أن الحرمة لا تستتبع الفساد لا لغة ولا عرفا ؛ فحرمة التصرف في الماء المغصوب بتطهير الثوب والبدن به لا تدل على الفساد أي : بقاء النجاسة.
(٢) استدراك على عدم استتباع الحرمة للفساد لغة وعرفا ، لكنّها تستتبعه شرعا لأجل الأخبار الواردة في هذا الباب منها : ما في المتن بتقريب : أن تعليل عدم فساد نكاح العبد الفاقد لإذن سيّده ب «إنه لم يعص الله» ، يقتضي فساد كل ما يكون عصيانا له «تبارك وتعالى» ، فالحرمة التكليفية تقتضي الفساد ، لأنّ عدم فساد النكاح في الرواية إنّما هو لأجل عدم كونه معصية له «تبارك وتعالى» ؛ إذ مفهوم «إنه لم يعص الله إنّما عصى سيّده» هو فساد النكاح إذا كان مما حرّمه تعالى.
وهناك بعض الروايات الأخرى في نحو هذا الحكم.
وكيف كان ؛ فالمستفاد من الروايات : أن الحرمة الإلهية تستلزم الفساد.
__________________
(*) الكافي ، ج ٥ ، ص ٤٧٨ ، ح ٣ / التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٥١ ، ح ٦٣.
(**) الفقيه ، ج ٣ ، ص ٥٤١ ، ح ٤٨٦٢.