أحدها (١):
ما عزي إلى السيد من أن تأثير الشرط إنما هو تعليق الحكم به ، وليس بممتنع أن يخلفه وينوب منابه شرط آخر يجري مجراه ، ولا يخرج عن كونه (٢) شرطا ، فإن قوله تعالى (٣): (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) (٤) يمنع من قبول الشاهد الواحد حتى ينضم إليه شاهد آخر ، فانضمام الثاني إلى الأول شرط في القبول ، ثم علمنا أن
______________________________________________________
أدلة المنكرين للمفهوم
(١) أحد الوجوه التي استدل بها المنكرون للمفهوم : ما نسب إلى السيد المرتضى «قدسسره» (١) ، وحاصل هذا الوجه : أن فائدة الشرط هو تعليق الحكم به كتعليق وجوب الإكرام بالمجيء في نحو : «إن جاءك زيد فأكرمه» ، فمعنى كون المجيء شرطا لوجوب الإكرام هو : توقف الحكم بوجوب الإكرام على وجود المجيء ولا يدل على انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط ، إذ من الممكن أن يقوم شرط آخر مقام هذا الشرط ، فلا ينتفي المشروط عند انتفاء الشرط المذكور في القضية ، لأنه ليس بممتنع أن يكون للحكم في الجزاء شروط متعددة ينوب بعضها عن بعض ، ولا يخرج الشرط الأول عن كونه شرطا حين نابه شرط آخر ، فالنتيجة : إن تعليق الحكم بالشرط لا يدل على المفهوم الذي هو الانتفاء عند الانتفاء ، إذ يمكن أن يخلفه شرط آخر ، والأمثلة لذلك كثيرة شرعا وعقلا وشرعا وعرفا.
(٢) أي : لا يخرج الشرط الأول عن كونه شرطا ، وعدم الخروج يكشف عن عدم كونه علة منحصرة حتى يدل على المفهوم.
(٣) سورة البقرة ، آية ٢٨٢.
(٤) هو من أمثلة قيام شرط آخر مقام الشرط الأول شرعا ، لأن المستفاد من قوله تعالى هو : تعليق الحكم أعني : قبول قول الشاهد الواحد بانضمام شاهد آخر إليه ، فانضمام الشاهد الثاني إلى الشاهد الأول شرط في قبول الشاهد الأول. ثم علمنا من جملة أخرى في الآية ـ وهي قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ)(٢) ـ أن ضم امرأتين إلى الشاهد الأول شرط في القبول أيضا ، ثم علمنا من الرواية : أن ضم يمين المدعي يقوم مقام الثاني ، فقيام بعض الشروط مقام بعضها مما لا إشكال فيه ، فحينئذ
__________________
(١) الذريعة إلى أصول الشريعة ، ق ١ ، ص ٤٠٦.
(٢) البقرة : ٢٨٢.