يبقى مجال مع إحداهما للأخرى ، مع كونها أهمّ منها ؛ لخلوّها من المنقصة الناشئة من
______________________________________________________
تعلق التكليف الذي صار واجبا أو ممتنعا بسوء الاختيار ؛ بل موردها اختيارية الأفعال الصادرة عن العباد في مقابل الأشاعرة القائلين بالجبر استنادا إلى أن الفعل مع الإرادة واجب ، ومع عدمها ممتنع ، ولازم ذلك : هو الجبر وانتفاء الاختيار.
وقد أجاب العدلية عن ذلك : بأنّ الفعل بعد وجود علته التامّة ومنها الإرادة وإن كان واجبا ، ومع انتفائها كان ممتنعا إلّا إن الإيجاب بالاختيار والامتناع كذلك لا ينافي الاختيار ، فالفعل مع جميع مباديه ومنها الإرادة وإن كان واجبا إلّا إنّه ليس غير اختياري حتى يلزم الجبر ، وكذلك مع انتفاء الإرادة ، وإن كان ممتنعا إلّا إنّه ليس بجبر ، لأنّ وجود الفعل في الأول وعدمه في الثاني مستند إلى الاختيار. فهذه القاعدة أجنبيّة عن المقام.
٨ ـ «فانقدح بذلك فساد الاستدلال لهذا القول» يعني : فظهر بما ذكرنا ـ ردّا لما يقول به المحقق القميّ من كون الخروج مأمورا به ومنهيا عنه من عدم صحّة تعلق الطلب الحقيقي بالواجب ، والممتنع وإن كان كل منهما بالاختيار ـ فساد استدلال المحقق القمي على وجوب الخروج وحرمته بأنّ الأمر بالتخلّص عن الغصب والنهي عن الغصب دليلان يجب إعمالهما بلا تقييد أصلا ، ولازمه هو : الحكم بوجوب الخروج وحرمته معا عملا بإطلاق كلا الدليلين.
أمّا وجه فساد الاستدلال : فلما عرفت سابقا من استحالة اجتماع الضدّين سواء تعدد عنوان المجمع أم اتحد ، فلا بدّ من تقييد أحد الدليلين بما هو الأهمّ منهما ، فالقول بكون الخروج مأمورا به ومنهيا عنه لا يرجع إلى محصل صحيح.
٩ ـ ثمرة الأقوال : وهي صحة الصلاة في الدار المغصوبة على القول بالجواز مطلقا.
وأمّا على القول بالامتناع : فكذلك مع الاضطرار إلى الغصب لا بسوء الاختيار ، أو مع سوء الاختيار إذا وقعت الصلاة في حال الخروج.
أما وجه الصحة في الفرض الأول : هو عدم النهي لسقوطه بالاضطرار.
وأمّا وجه الصحة في الفرض الثاني : فلكون الخروج واجبا إمّا لكونه مصداقا للتخلّص الواجب أو مقدمة له.
وكذا تصح الصلاة مع غلبة ملاك الأمر على النهي مع ضيق الوقت.
وأمّا مع سعته فصحة الصلاة مبنية على عدم اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن الضدّ.
١٠ ـ رأي المصنف «قدسسره» في مسألة اجتماع الأمر والنهي :
هو الامتناع. وأمّا في الخروج فلكونه منهيا عنه بالنهي السابق الساقط بالاضطرار ، ولا يكون مأمورا به.