أمّا مع السعة : فالصحة وعدمها مبنيان على عدم اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن
______________________________________________________
الخروج ؛ بل هو واجب من باب المقدمة ، نظير شرب الخمر للنجاة عن الهلاك ، ولعدم كونه مقدورا حتى يكون موضوعا للحكم بالحرمة.
وتوهم : كون الخروج قبل الدخول مقدورا بواسطة القدرة على ترك الدخول والمقدور بالواسطة مقدور ، فيكون الخروج محكوما بالحرمة لكونه مقدورا بالواسطة مدفوع : بأنّ المقدور الذي يصحّ تعلق التكليف به ما تكون القدرة على وجوده وعدمه على حدّ سواء ، ومن المعلوم : أن الخروج قبل الدخول غير مقدور ؛ إذ لا يتمكّن المكلف منه قبل الدخول ، فكذا ترك الخروج ، فلا يكون موضوعا للحرمة لكونه غير مقدور.
والمتحصّل : أن الخروج قبل الدخول غير مقدور ، فلا يكون موضوعا للحرمة.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال على كون ما انحصر به التخلّص ـ كالخروج ـ مأمورا به كما في تقريرات الشيخ الأنصاري «قدسسره».
٤ ـ جواب المصنف عن استدلال الشيخ :
وقد أجاب المصنف بجوابين أحدهما : حلّي وهو ما أشار إليه بقوله : «إذا لم يتمكّن المكلف من التخلّص ..» إلخ ، والآخر : نقضيّ أشار إليه بقوله : «كما هو الحال في البقاء».
وأمّا ملخص الجواب الحلّي فهو : أن ترشح الوجوب الغيري على المقدمة المحرمة وانقلاب المحرم إلى الواجب مشروط بشرطين :
الأول : انحصار المقدمة في خصوص المحرمة.
الثاني : أن يكون الاضطرار إليها لا بسوء الاختيار ، والخروج فاقد للشرط الثاني. فلا يترشّح الوجوب الغيري إليه ولا ينقلب إلى الواجب وهو حرام.
أمّا الجواب النقضي : فهو نقض الخروج بالبقاء ؛ إذ كلّ منهما يتوقف على الدخول ، والحال أن الشيخ اعترف بحرمة البقاء بقوله : «إن قلت : إنّ التصرّف في أرض الغير بدون إذنه بالدخول والبقاء حرام بلا إشكال».
وحاصل النقض : أنّه لا فرق بين البقاء والخروج في الفرعية على الدخول وكونهما مقدورين بالواسطة ، فكل منهما محكوم بحكم واحد ، لأنّ حكم الأمثال فيما يجوز ولا يجوز واحد ، فكل ما أجاب به الشيخ عن إشكال البقاء نجعله جوابا عن إشكال الخروج. فإنّ النقض في الحقيقة تكثير للإشكال.
ومن هنا ظهر حال شرب الخمر حيث يقال : إنّ مطلوبية شرب الخمر تخلّصا عن المهلكة منوطة بعدم كون الاضطرار بسوء الاختيار ، ومعه لا يتصف بالمطلوبيّة.
٥ ـ قوله : «لو سلّم عدم الصدق إلّا بنحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع» : جواب