كما لا يخفى. وحمل شيء على جنس وماهية كذلك (١) لا يقتضي اختصاص تلك الماهية به ، وحصرها عليه.
نعم (٢) ؛ لو قامت قرينة على أن اللام للاستغراق ، أو أن مدخوله أخذ بنحو الإرسال والإطلاق ، أو على أن الحمل عليه كان ذاتيا لأفيد حصر مدخوله على محموله ، واختصاصه به.
______________________________________________________
(١) أي : حملا متعارفا ، كقولك : «الإنسان زيد» لا يقتضي انحصار تلك الماهية في ذلك الشيء ؛ فإن مجرد حمل شيء على ماهية لا يوجب انحصار تلك الماهية في ذلك الشيء ؛ بعد ما عرفت من كون الأصل في الحمل هو : الشائع الذي لا يفيد الحصر ، لا الحمل الذاتي الذي ملاكه الاتحاد المفهومي المفيد للحصر.
والحاصل : إنه لا سبيل إلى استفادة الحصر لا من نفس اللام ؛ لما مرّ آنفا من : أن الأصل فيه الجنس ، وهو لا يفيد الحصر إلا مع القرينة.
ولا من الحمل ؛ لما مر أيضا من : أن الأصل فيه هو : الشائع الذي لا يفيد الحصر ، كما في «منتهى الدراية ج ٣ ، ص ٤٤١ ـ ٤٤٢» مع تصرّف ما.
(٢) استدراك على قوله : «والتحقيق إنه لا يفيده».
وحاصل الاستدراك : أن تعريف المسند إليه باللام إنّما يفيد الحصر في موارد.
١ ـ أن تقوم قرينة على كون اللام للاستغراق ، فيكون مفاد قولنا : «الإنسان زيد» بمنزلة أن يقال : كل فرد من أفراد الإنسان زيد ، فليس للإنسان فرد غير زيد.
٢ ـ أن تقوم قرينة على كون مدخول اللام هي الطبيعة المرسلة لا المهملة ، فلا يكون للإنسان ـ في المثال المذكور ـ وجود غير وجود زيد.
٣ ـ أن تقوم قرينة على كون الحمل ذاتيا ، فيدل المسند إليه المعرف بلام التعريف على الحصر.
وكيف كان ؛ فالمسند إليه المعرف باللام لا يدل بنفسه على الحصر ، ومع القرينة ، وإن كان يدل على الحصر إلّا إنه خارج عن محل النزاع.
فالمتحصّل : أن مجرد تعريف المسند إليه باللام لا يفيد حصر أفراده في المسند ؛ بل يتوقف ذلك على القرينة ؛ بأن تقوم القرينة على أن اللام للاستغراق كما في «الحمد لله» ، أو اقتضت قرينة الحكمة كون الطبيعة مأخوذة بنحو الإرسال ، أو قامت القرينة على أن الحمل ذاتي نحو : «الإنسان حيوان ناطق».