قوله : «كل شيء حلال حتى تعرف أنه حرام» ، و «كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر» كانت دالة على ارتفاعه عند حصولها ، لانسباق ذلك منها ، كما لا يخفى ، وكونه (١) قضية تقييده بها ، وإلا لما كان ما جعل غاية له بغاية ، وهو واضح إلى النهاية.
______________________________________________________
وأخرى : تكون بحسبها قيدا للموضوع ، يعني به : متعلق الحكم كالسير في قولك : «سر من البصرة إلى الكوفة».
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الغاية تدل على المفهوم ـ وهو انتفاء سنخ الحكم بانتفاء الغاية ـ فيما إذا كانت قيدا للحكم كما في الخبرين المذكورين في المتن ، حيث إن الغاية فيهما وهو قوله : «عليهالسلام» «حتى تعرف أنه حرام» ، و «حتى تعلم أنه قذر» قيد للحكم أعني : الحلية والطهارة ، لاتصالهما بالحلال والطاهر ، فكأنه قيل : إن هذين الحكمين منوطان بعدم العلم بالحرمة والقذارة ، فإذا علمتا ارتفعت الحلية والطهارة الثابتتان للمنطوق ؛ إذ العلم بهما غاية لهما ، فإذا حصل ارتفعتا.
والوجه في ارتفاعهما بحصول الغاية هو : التبادر لأن المتبادر من جعل شيء غاية لحكم هو ارتفاعه بحصول ذلك الشيء ، كارتفاع وجوب الصوم بمجيء غايته ـ وهي الليل ـ إذ لو لم يرتفع به لزم أن لا يكون ما جعل غاية وآخرا للحكم غاية له ، وهو خلف.
هذا بخلاف ما إذا كانت الغاية قيدا للموضوع بحسب القواعد العربية ، فلا تدل على المفهوم أعني : انتفاء سنخ الحكم بحصول الغاية ؛ بل يكون انتفاؤه بحصولها عقليا من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع.
فالحاصل : أن الغاية إذا كانت قيدا للموضوع فهي كالوصف في عدم الدلالة على المفهوم.
(١) أي : لكون ارتفاع الحكم بحصول الغاية مقتضى تقييده بالغاية ، و «كونه» عطف على «انسباق».
وحاصل الكلام في المقام : أن مقتضى تقييد الحكم بالغاية هو ارتفاع الحكم عند حصولها وهو المفهوم ، «وإلا» أي : وإن لم تكن قضية التقييد بالغاية ارتفاع الحكم عند حصولها الذي هو المفهوم لزم الخلف ، وهو عدم كون ما جعل غاية للحكم غاية له ؛ إذ مع عدم ارتفاع الحكم بحصولها يكون ما جعل غاية وسطا لا غاية وآخرا ، فتتوقف غائيته على ارتفاع الحكم بحصولها.