وبالجملة لا ينبغي الريب في كونهما أمرين واقعيين عند العرف وقد امضاهما الشرع مع قيود وشرائط ، بل هما أمران تكوينيان لا اعتباريان كما توهمه بعض وان كان هذا المعنى لا يؤثر فيما نحن بصدده ، فاذا كانتا عند العرف بعنوان أمرين واقعيين وامضاهما الشرع كذلك تكونا أمرين واقعيين.
الثاني : ارتكاز المتشرعة ، فإنه لا شك عندهم في كون النجس كالطاهر امرا واقعيا ، علمنا به أو لم نعلم ، وهم قد أخذوا ذلك من لسان الشرع ، ومن البعيد جدا رميهم بالغفلة عن محتوى كلام الشارع ومغزاها في هذا الباب وجهلهم جميعا ، مع كثرة الأحاديث الواردة في أبواب الطهارة والنجاسة.
الثالث : ما ذكره مخالف لظاهر جميع ما ورد في أبواب الأعيان النجسة والطاهرة فإن قوله عليهالسلام في الكلب «انه نجس» (١) وكذا الحكم بالنجاسة وما يفيد معناه بالنسبة إلى العناوين الأخر وكذا «حكمه بطهارة الماء» وغيره فهذه كلها ظاهرة في تعلق الحكم بعناوينها الواقعية ، مع قطع النظر عن العلم والجهل ، فان الكلب ، أو الدم ، أو المني ، أو الماء ، عناوين خارجية ، علمناها أو لم نعلم بها.
الرابع : لازم ما ذكره ان تكون النجاسة امرا نسبيا فثوب واحد نجس بالنسبة الى من يعلم وطاهر بالنسبة الى من لا يعلم وهذا أمر عجيب لا يقبله ذوق الفقه وارتكاز أهل الشرع واحاديث الباب.
الخامس : لازم ما ذكره كون الطهارة أيضا امرا عمليا فاذا لم نعلم بطهارة
__________________
(١) الوسائل ج ٢ أبواب النجاسات الباب ١٢ الحديث ٦.