بالاعتبار والإنشاء والقصد ، ومن الواضح ان قوامها بها انما هو في حدوثها ، فاذا تحقق الإنشاء والاعتبار ، وجد العقد بخصوصياته في عالم الاعتبار ، فكان له وجود اعتباري في هذا الوعاء ، كوجود الأشياء الخارجية بعد تحققها.
ولكن بينهما فرق ظاهر فإن الأشياء في عالم التكوين كما تحتاج الى خالقها وباريها حدوثا ، تحتاج إليها بقاءا ، على ما هو التحقيق في محله من حاجة الممكن الى الواجب في جميع شراشر وجوده ، وفي جميع عمره ، لأنها بذاتها وجودات ربطية ومتدليات بذاته تعالى ، فلو انقطع فيض الوجود فيها آنا ما انعدمت بأجمعها ، ولكن الأمور الاعتبارية إذا حدثت من ناحية المتعاقدين غير محتاجة إليهما في بقائها بل لو قصدا الخلاف بقاءا لم يؤثر شيئا إلا في موارد لهما حق الفسخ والخيار.
وان شئت قلت حدوثها بيد المتعاقدين وبقائها انما هو باعتبار العقلاء ، فإنهم يعتبرون بقائها وان قصدا المتعاقدان خلافه ، وهذا أيضا مما لا يحتاج الى مزيد بحث.
الثالث ـ تبعية العقود للقصود انما هو في مقام الثبوت لا الإثبات
مقتضى ما عرفت من الدليل في هذا الباب ان التبعية إنما هي تبعية ثبوتية ، لأن تقوم العقد بالقصد والاعتبار انما هو بحسب نفس الأمر والواقع ، واما لو ادعى البائع أو المشتري أو غيرهما انه قصد كذا وكذا لا يقبل منهما الا ما وافق ظاهر اللفظ ، فلو كان ظاهر اللفظ أو صريحه ، أو مقتضى إطلاقه بمقدمات الحكمة ، أو ما ينصرف إليه شيئا ، وادعى أحدهما غيره ، لا يقبل منه ، لان طريق الوصول الى القصود في مقام الإثبات انما هو ظواهر الألفاظ المعتبرة عند أهل العرف والعقلاء ، التي أمضاها الشرع ، فمن ادعى خلافها فعليه الإثبات واقامة الدليل ، ولو لم يأت بشيء يؤخذ بظاهر لفظه ، ويكون حجة عليه شرعا ، فالطريق الوحيد للوصول الى المقاصد عند وقوع