في أبواب النكاح وشبهها تدل على عموم هذه السلطنة. فتسلط الناس على أنفسهم من هذه الجهات ممّا لا يرتاب فيه.
وكذلك بالنسبة إلى إرادته في طريق طاعة الله وفعل ما يجوز له فعله بحسب حكم الشرع بل قد يعبّر عن هذه السلطة بالملكية كما ورد في قوله تعالى حكاية عن موسى عند عصيان بني إسرائيل وخروجهم عن امره (قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ)(١).
وان كان المراد تسلط الإنسان على نفسه بان يقتل نفسه من دون اي مبرّر أو إلقاؤها في التهلكة في غير ما هو أهم منه بل إيراد نقص على أعضائه وضرر عظيم على جسمه أو عقله فإن شيئا من ذلك غير جائز وهذا النوع من التسلط لم يثبت لأحد على نفسه.
ولكن قد عرفت انّه لم يثبت مثل هذا في باب الأموال أيضا فلا يجوز لأحد إتلاف ماله بغير مبرر ولا إحراقه ولا إفساده فلو كان هناك دليل على عموم التسلط على الأنفس كان قابلا للتخصيص بمثل هذه الأمور كما هو كذلك في باب الأموال والحقوق.
والحاصل ان تسلط الناس على أنفسهم ـ بهذا العنوان ـ لم يرد في آية ولا رواية ولكن مفادها ومغزاها ثابتة بحسب بناء العقلاء فيما عرفت توضيحه.
٣ ـ نسبة هذه القاعدة مع غيرها
وأول ما نتكلم فيه هنا نسبتها مع قاعدة لا ضرر والا فقد عرفت ان عموم قاعدة التسلط مخصصة بكل ما ورد في أبواب المعاملات من الشرائط والقيود وكذلك كل ما ورد في أبواب المحرمات من تحريم بعض التصرفات في الأموال من الإسراف والتبذير وإنفاقها في طرق الحرام والفساد.
__________________
(١) مائدة : ٢٥.