ملاك الإصابة وملاك العدالة ، واما حمل الأول على ماله واقع ثابت مجهول ، والثاني على ما ليس كذلك فيدفعه الاستشهاد بملاك العدالة في ذيل مسئلة خنثى المشكل وكيفية ميراثه (١) بناء على عدم خروج الخنثى عن الجنسين في الواقع كما هو المشهور.
والانصاف انه لا يمكن رفع اليد عن تلك الروايات الكثيرة الظاهرة في كونها امارة على الواقع ؛ اما دائما أو غالبا ولا مانع منه عقلا إذا انحصر الطريق فيها وفوض الأمر الى الله تبارك وتعالى ، العالم بخفيات الأمور اللطيف بعبادة. ولقد جربنا هذا الأمر في باب الاستخارة ؛ التي هي من القرعة على ما اختاره بعضهم وسيأتي الإشارة اليه ان شاء الله في آخر المسئلة ، ورأينا منها عجائب جمة في إصابة الواقع وكشف المجهول إذا استعملت في محلها وفوض الأمر الى الله وقرنت بالإخلاص والابتهال.
ثمَّ اعلم ان كون القرعة امارة على الواقع وكاشفا عنه دائما أو غالبا لا يوجب تقدمها على أصول العملية ولا معارضتها لسائر الامارات ، وذلك لما عرفت من ان أماريتها انما هي فرض خاص ومنحصر بالأمور المجهولة المشكلة التي لا طريق الى حلها لا من الامارات ولا من الأصول العملية.
وبعبارة أخرى موضوعها مختص بموارد فقد الأدلة والأصول الأخر ؛ وعليه لا تعارض شيئا منها ولا يقدم عليها بل إنما تجري في موارد فقدها.
ثمَّ ان من المعلوم ان الكلام في أماريتها وعدمها انما هو في خصوص ماله واقع ثابت مجهول ، واما ما ليس كذلك من موارد تزاحم الحقوق أو المنازعات التي يرجع فيها إلى القرعة كما في قضية زكريا وتشاح احبار بني إسرائيل في كفالة مريم ؛ وكما في قضية يونس على احتمال مضى ذكره ، وكذلك فيمن نذر أو اوصى بعتق أول مملوك فملك سبعة في زمان واحد ، وأشباهها ، فلا موقع لهذا النزاع فيها كما هو ظاهر.
فالرجوع إليها (ح) انما يكون بملاك اقربيتها إلى العدالة وابعديتها عن الترجيح بلا مرجح
__________________
(١) راجع الصفحة ٣٣٤.