هذا من جانب ومن جانب آخر انّ إحراز الملاك من وظائف المولى ، فإلغاء الحكم بصفة العام كاشف عن إحراز وجود الملاك في عامتهم ، وعندئذ : فلو علمنا بإيمان أموي كخالد بن سعيد بن العاص وإخوته أبان بن سعيد وعمر بن سعيد كان ذلك موجباً لخروجهم من تحت العام ، وانّ المتكلّم أخّر بيانَ إخراجهم لمصلحة فيه.
فعلى ضوء ذلك فلو شككنا في إيمان أحد من بني أُميّة يتمسّك بعموم العام لإحراز الموضوع.
ثمّ إنّ هنا صورة ثالثة وهي انّه إن تردد أمره ولم يحرز كونه قيداً أو ملاكاً فلو كان من الأحكام العقلية الضرورية يمكن الاتّكال عليه فيكون قيداً ، وإن كان نظرياً أو إجماعياً لا يصحّ الاتّكال عليه ، فيلحق بالقسم الثاني فتمسك بالعموم لجواز أن يكون الفرد المشكوك قد أحرز المولى وجود الملاك فيه مع احتمال انّ ما أدركه العقل أو قام عليه الإجماع من قبيل الملاك. (١)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ وجود أمثال أبناء سعيد بن العاص أوضح دليل على أنّ حكم العام ليس ملازماً لوجود ملاك اللعن في كلّ فرد فرد.
وعلى ضوء ذلك فنحن نحتمل أنّ سكوت المولى عن الفرد الآخر لنفس العلّة التي لأجلها سكت عن ذكر الثلاثة ، وهي وجود المصلحة في تأخير البيان ، وعند ذلك لا عبرة بعموم العام عند العقلاء ، إذ ليس كاشفاً عن وجود الملاك.
اللّهمّ إلا أن يقال : أصالة تطابق الإرادة الاستعمالية مع الإرادة الجدية دليل على وجود الملاك في الجميع إلا ما قام الدليل على فقده.
وثانياً : أنّ موضوع الحكم لا يمكن أن يكون أعمّ من الملاك ، فإذا كان
__________________
١. فوائد الأُصول : ١ / ٥٣٦ ـ ٥٣٩.