المولى ، من دون فرق بين التصرّف الدخولي والخروجي في نظر العقل فإنّه يرى جميع التصرفات ـ في كونها معصية وخروجاً عن رسم العبودية ـ متساوية.
وأمّا أنّه ليس بواجب ، فلأنّ وجوبه إمّا بالخصوص فلا دليل عليه ، وإمّا لكونه مقدّمة لترك الغصب الواجب ، فهو أيضاً مثله ، إذ لم يرد دليل على وجوب ترك الغصب وما ورد من أنّ الغصب مردود ، فإنّما تأكيد لحرمة الغصب. (١)
يلاحظ عليه : بأنّ حرمة الخروج إمّا لأجل تعلّق النهي به بالخصوص ، أو لأجل انّه تصرّف في مال الغير ؛ أمّا الأوّل فهو دفع الفاسد بالأفسد ، لأنّ النهي عن الخروج بما هو هو يستلزم البقاء في المغصوب إلى آخر العمر وهو أشدّ محذوراً ، وأمّا الثاني فهو يستلزم التكليف بالمحال ، لعدم قدرته على امتثال ذلك النهي إلا أن يلتجئ إلى البقاء ، وهو أيضاً حرام.
فإن قلت : إنّ الامتناع بالاختيار ، لا ينافي الاختيار.
قلت : قد سبق انّ القاعدة صحيحة ، ولكن المراد أنّه لا ينافي ملاكاً وعقاباً ، لا خطاباً وحكماً ، فهو معاقب إذ كان في وسعه امتثال هذا النهي الشامل للخروج أيضاً بترك الدخول ، لأنّه عصى ودخل فيعاقب على الخروج للنهي السابق الساقط لا أنّه مخاطب بالفعل بالنهي عن الخروج.
ثمّ إنّ السيد الأُستاذ قدسسره اختار نظرية السيد البروجردي واستدلّ عليه لكن بطريق آخر ، وهو ما اختاره من أنّ خطابات الشرع ، خطابات قانونية وليست خطابات شخصية ، ويكفي في صحّة الخطاب القانوني ، اجتماعُ الشرائط العامّة في كثير من المكلّفين لا في كلّ واحد ، بخلاف الخطاب الشخصي فانّه يشترط اجتماع الشرائط العامة في كلّ مخاطب بالخصوص.
__________________
١. لمحات : ٢٤٤.