الموردين ، كما أنّ الحكم بصحّتها على القول بالامتناع وتقديم الأمر على النهي رهن وجود الملاك فيها ، وهذا هو الذي أشار إليه السيد المحقّق البروجردي ، فقال : إنّ صاحب الكفاية خلط بين الإمكان والامتناع كبروياً وبين ثمرة النزاع في الفقه فالقائل بالجواز يقول : إنّ اجتماع الأمر والنهي في واحد ذي جهتين ممكن والقائل بالامتناع ينكره.
نعم تظهر الثمرة في الشرعيات في مورد يكون ملاك الحكم متحقّقاً في صور الاجتماع وهو أمر آخر وراء محل النزاع. (١)
الثاني : انّ الفرق بين التزاحم والتعارض ليس وجود المناط لكلا الدليلين في مورد التزاحم وعدمه لهما في مورد التعارض ، بل الملاك هو ما سبق ذكره في مبحث الترتّب ، وهو انّه إذا كان التكاذب بين الدليلين في مقام الجعل والتشريع فهو من باب التعارض كما إذا قال : ثمن العذرة سحت ، لا بأس ببيع العذرة ، فلا يمكن جعل حكمين متضادين لموضوع واحد وهو ثمن العذرة.
وأمّا إذا كان بين الدليلين في مقام التشريع كمال الملائمة ولكن طرأ التزاحم في مقام الامتثال وهذا كقول القائل : انقذ النبي وأنقذ الإمام ، فلا نرى أي تكاذب بين الدليلين ، ولو كان هناك شيء من التدافع فإنّما هو لضيق قدرة المكلّف وبُعْد الغريقين مكاناً ، وإلا فلو كان الغريقان متقاربين أو كانت قدرة المكلّف أوسع فلا تزاحم.
الثالث : وهو ان عدّ قولنا : صلّ ولا تغصب من هذا الباب وقول القائل : أكرم العالم ولا تكرم الفاسق من قبيل المتعارضين ليس لأجل وجود الملاك فيما يسمى بالتزاحم ، وعدمه فيما يسمّى بالتعارض ، وإنّما يعد العرف المورد الثاني من
__________________
١. لمحات الأُصول : ٢١٧.