والحرمة في باب التعارض وإجراء أحكام التعارض عليهما. ويستنبط من ذلك حكم فرعي. (١)
توضيحه : انّ القول بالامتناع لا يكفي في إثبات فساد العبادة ، بل يتوقّف على أمر آخر وهو إعمال المرجّحات بتقديم جانب النهي على الأمر ، فعند ذلك تفسد العبادة أخذاً بأحد الدليلين ورفض الآخر ، فظهر انّ فساد العبادة ليس نتيجة مباشرة للقول بالامتناع ، بل لابدّ بعد القول به من إعمال قواعد التعارض وتقديم جانب النهي على جانب الأمر.
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ كون المسألة أُصولية ليس رهن ترتّب الأثر على كلتا الصورتين : الإثبات والنفي ، بشهادة انّ حجّية خبر الواحد مسألة أُصولية يترتّب الأثر على واحد من طرفي القضية وهو كونه حجّة دون عدمها. وعلى ذلك فيكفي في عدّ المسألة أُصولية ترتّب أثر الصحة على القول بالاجتماع وإن لم يكن على القول بالامتناع أثر شرعي حسب افتراضه.
وثانياً : لا يشترط في كون المسألة أُصولية أن تكون المسألة سبباً تامّاً لاستنباط الحكم الشرعي ، بل ربّما يتوقّف استنباط الحكم الشرعي على ضم مسألة أُخرى إلى المسألة الأُولى حتّى يستنبط منها الحكم الشرعي وذلك كحجّية خبر الواحد التي لا يستنبط منها الحكم الشرعي ما لم تنضم إليها مسألة أُخرى باسم حجّية الظواهر.
وعلى ذلك فلا مانع من جعل المسألة أُصولية وان توقّف ترتّب الأثر ـ على القول بالامتناع ـ على إعمال قواعد التعارض.
وثالثاً : أنّ المتبادر من كلام المحقّق النائيني انّ المسألة من باب التزاحم على
__________________
١. أجود التقريرات : ١ / ٣٣٤ ؛ فوائد الأُصول : ١ / ٣٩٩.