إثبات شرعية عبادات الصبي بالعمومات
ثمّ إنّه ربّما يستدلّ على شرعيّة عبادات الصبي بالعمومات الواردة في الكتاب والسنة الشاملة للبالغ والصبي ، غاية الأمر انّ حديث الرفع ( رفع القلم عن ثلاثة ، ... الصبي حتّى يحتلم ) رفع الإلزام لا أصل الحكم ولا أصل المحبوبية ، لانّه حديث امتنان ولا امتنان في رفع الحكم غير الإلزامي ، فتكون عباداته شرعية. (١)
يلاحظ عليه بأمرين :
١. انّ القول بشمول الخطاب والعمومات لكلّ مميّز ، سواء أكان بالغاً شرعياً أم لا ، خرق للسنّة السائدة بين الأُمم والعقلاء ، فانّ مصبّ القوانين بين العقلاء في عامّة الحضارات هم البالغون لا غيرهم وإن كانوا مختلفين في حدّ البلوغ ولم يثبت انّ للشارع طريقة خاصّة تخالف طريقتهم.
وبعبارة أُخرى : انّ تعيين نصاب خاص لشمول القانون في المجتمعات الإنسانية ـ بلا فرق بين الدينية وغيرها ـ لقرينة على أنّ التشريع الإسلامي كسائر التشريعات ، رهن الوصول إلى ذلك النصاب غير أنّ الشارع قد حدّد النصاب ولم يفوضه إلى العرف والعقلاء ولكنّه لا يكون مانعاً ، عن انصراف العمومات والخطابات إلى البالغ ذلك النصاب.
فإن قلت : إذا كان غير البالغ غير مشمول للحكم ، فما معنى « رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم » ، فانّ الرفع فرع الثبوت.
قلت : إنّ استعمال الرفع ـ وإن لم يكن الحكم ثابتاً ـ لأجل قابلية المميّز
__________________
١. مستمسك العروة الوثقى : ٨ / ٤٢٤ ، المسألة ٢ ؛ حقائق الأُصول : ١ / ٣٤٢.