الأحكام إلا إخبارا عن المجعولات فيما مضى فيصير موضوعات الأحكام وسائط للعروض والحق عدم قابليّة الأسباب للجعل وكون الأحكام إخبار عن المجعولات في ما مضى.
أما الأول : فلبداهة انّ سببيّة السبب ليست إلا خصوصيّة في ماهيّة الشيء بها يترتّب عليه المسبب وهذه الخصوصيّة غير قابلة للجعل التكويني إلا بالانقلاب أو المعجزة التي راجعة إليه فضلا عن التشريعي فبإنشاء الإحراق للجدار والتبرّد للنار لا يحدث الحرارة ولا البرودة ، هذا مضافا بأنه لو أنشأ سببيّة الدلوك بوجوب الصلاة مثلا يلزم أن يكون إرادة الشارع للحكم من رشحات الدلوك تابعا لتحققه مع انّ القائل بقابلية السبب للجعل قائل بأن المسببات أيضا مجعولة وعلى هذا جعل الحكم بعد جعل علّته التامّة لغو وبالجملة بطلان القول بقابليّة الأسباب للجعل من أوضح الواضحات ، وسيجيء ان شاء الله تحقيقه في محلّه.
وأما الثاني : فأمره واضح وبداهته أظهر :
اما أولا لظواهر الأدلّة بأخذ الشرائط من قبيل الأوساط في العروض فيقال : انّ المستطيع يجب عليه الحجّ كما في قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) ، وإن كان الواجب أن يقال : أيها الناس الاستطاعة سبب لإنشاء وجوب الحج على زيد وعمرو وبكر بحيث كان الإنشاء والمنشأ متعددا بحسب تعدد الأشخاص.
وأما ثانيا : فلأن العلم بالصلاح الذي هو علّة تخلق العالم على نحو الحدوث الزماني علّة أيضا لجعل الأحكام والإنشاء على نحو