[١٦] (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) (١٦) ، أي : فكيف رأيت أيها المخاطب عذاب الله الأليم وإنذاره الذي لا يبقي لأحد عليه حجة.
[١٧] (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (١٧) ، أي : ولقد يسرنا وسهلنا هذا القرآن الكريم ، ألفاظه للحفظ والأداء ، ومعانيه للفهم والعلم ، لأنه أحسن الكلام لفظا ، وأصدقه معنى ، وأبينه تفسيرا ، فكل من أقبل عليه يسر الله عليه مطلوبه غاية التيسير ، وسهله عليه ، والذكر شامل لكل ما يتذكر به العاملون من الحلال والحرام ، وأحكام الأمر والنهي ، وأحكام الجزاء والمواعظ والعبر ، والعقائد النافعة والأخبار الصادقة. ولهذا كان علم القرآن حفظا وتفسيرا ، أسهل العلوم ، وأجلّها على الإطلاق ، وهو العلم النافع الذي إذا طلبه العبد ، أعين عليه ، وقال بعض السلف عند هذا الآية : هل من طالب علم فيعان عليه؟ ولهذا يدعو الله عباده إلى الإقبال عليه والتذكر بقوله : (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
[١٨] «وعاد» هي القبيلة المعروفة باليمن ، أرسل الله إليهم هودا عليهالسلام يدعوهم إلى توحيد الله وعبادته ، فكذبوه ،
[١٩] فأرسل الله عليهم (رِيحاً صَرْصَراً) ، أي : شديدة جدا. (فِي يَوْمِ نَحْسٍ) ، أي : شديد العذاب والشقاء عليهم ، (مُسْتَمِرٍّ) عليهم سبع ليال ، وثمانية أيام حسوما.
[٢٠] (تَنْزِعُ النَّاسَ) من شدتها ، فترفعهم إلى جو السماء ، ثمّ تدفعهم بالأرض فتهلكهم ، فيصبحون (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) ، أي : كأن جثثهم بعد هلاكهم ، مثل جذوع النخل الخاوي الذي اقتلعته الريح فسقط على الأرض ، فما أهون الخلق على الله إذا عصوا أمره.
[٢١] (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) (٢١) ، كان والله العذاب الأليم ، والنذارة الّتي ما أبقت لأحد عليه حجة.
[٢٢] (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (٢٢) كرر تعالى ذلك ، رحمة بعباده ، وعناية بهم ، حيث دعاهم إلى ما يصلح دنياهم وأخراهم.
[٢٣] (كَذَّبَتْ ثَمُودُ) وهم القبيلة المعروفة المشهورة في أرض الحجر ، نبيهم صالحا صلىاللهعليهوسلم ، حين دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وأنذرهم العقاب ، إن هم خالفوه.
[٢٤] فكذبوه واستكبروا عليه ، وقالوا ـ كبرا وتيها ـ : (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ) ، أي : كيف نتبع بشرا ، لا ملكا ، منا ، لا من غيرنا ، ممن هو أكبر عند الناس منا. ومع ذلك فهو شخص واحد (إِنَّا إِذاً) ، أي : إن اتبعناه وهو في هذه الحالة ، (لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) ، أي : لضالون أشقياء. وهذا الكلام من ضلالهم وشقائهم ، فإنهم أنفوا أن يتبعوا رسولا من البشر ، ولم يأنفوا أن يكونوا عابدين للشجر ، والحجر ، والصور.
[٢٥] (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا) ، أي : كيف يخصه الله من بيننا وينزل عليه الذكر؟ فأي مزية خصه من بيننا؟ وهذا اعتراض من المكذبين على الله ، لم يزالوا يدلون به ، ويصولون ويردون به دعوة الرسل ، وقد أجاب الله عن هذه الشبهة بقول الرسل لأممهم : (قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ). فالرسل منّ الله عليهم بصفات وأخلاق وكمالات ، بها صلحوا لرسالات ربهم ، والاختصاص بوحيه. ومن رحمته وحكمته أن كانوا من البشر ، فلو كانوا من الملائكة ، لم يمكن البشر ، أن يتلقوا عنهم ، ولو جعلهم من الملائكة لعاجل المكذبين لهم بالعقاب العاجل. والمقصود من هذا الكلام الصادر من ثمود لنبيهم صالح ،