قراهم. (فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ).
[٢٧] (فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ) وعرض عليهم الأكل. (قالَ أَلا تَأْكُلُونَ).
[٢٨] (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) حين رأى أيديهم لا تصل إليه. (قالُوا لا تَخَفْ) وأخبروه بما جاءوا له (وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) وهو : إسحاق عليهالسلام.
[٢٩] (ف) لما سمعت المرأة البشارة أقبلت فرحة مستبشرة (فِي صَرَّةٍ) ، أي : صيحة (فَصَكَّتْ وَجْهَها) وهذا من جنس ما يجري للنساء عند السرور ونحوه ، من الأقوال والأفعال المخالفة للطبيعة والعادة. (وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ) ، أي : أنّى لي الولد ، وأنا عجوز ، قد بلغت من السن ، ما لا تلد معه النساء ، ومع ذلك ، فأنا عقيم ، غير صالح رحمي للولادة أصلا فثمّ مانعان ، كل منهما مانع من الولد. وقد ذكرت المانع الثالث في سورة هود في قولها : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ).
[٣٠] (قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ) ، أي : الله الذي قدر ذلك وأمضاه ، فلا عجب في قدرة الله. (إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) ، أي : الذي وضع الأشياء مواضعها ، وقد وسع كل شيء علما فسلموا لحكمه ، واشكروه على نعمته.
[٣١] (قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ) (٣١) ، أي : قال لهم إبراهيم عليهالسلام : ما شأنكم أيها المرسلون؟
وما ذا تريدون؟ لأنه استشعر أنهم رسل ، أرسلهم الله لبعض الشؤون المهمة.
[٣٢] (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) (٣٢) وهم قوم لوط ، قد أجرموا بإشراكهم بالله ، وتكذيبهم لرسولهم ، وإتيانهم الفاحشة ، التي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين.
[٣٣] (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ) (٣٣).
[٣٤] (مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) (٣٤) ، أي : معلمة ، على كل حجر اسم صاحبه ، لأنهم أسرفوا ، وتجاوزوا الحد. فجعل إبراهيم يجادلهم في قوم لوط ، لعل الله يدفع عنهم العذاب ، فقيل له : (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) (٧٦).
[٣٥ ـ ٣٦] (فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٣٦) وهم بيت لوط عليهالسلام ، إلا امرأته ، فإنها من المهلكين.
[٣٧] (وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ) (٣٧) يعتبرون بها ويعلمون ، أن الله شديد العقاب ، وأن رسله صادقون ، مصدقون.
فصل في ذكر بعض ما تضمنته هذه القصة من الحكم والأحكام
منها : أن من الحكمة ، أن قص الله على عباده ، نبأ الأخيار والفجار ، ليعتبروا بهم ، وأين وصلت بهم الأحوال. ومنها : فضيلة إبراهيم الخليل ، عليه الصلاة والسلام ، حيث ابتدأ الله قصته ، بما يدل على الاهتمام بشأنها ، والاعتناء بها. ومنها : مشروعية الضيافة ، وأنها من سنن إبراهيم الخليل ، الذي أمر الله محمدا صلىاللهعليهوسلم وأمته ، أن يتبعوا ملته ، وساقها الله في هذا الموضع ، على وجه المدح له والثناء. ومنها : أن الضيف يكرم بأنواع الإكرام ، بالقول والفعل ، لأن الله وصف أضياف إبراهيم بأنهم مكرمون ، أي : أكرمهم إبراهيم ، ووصف الله ما صنع بهم من الضيافة قولا