فرعون وجنوده ، في جيش عظيم ، ونفير عام ، لم يتخلف منهم ، سوى أهل الأعذار ، الّذين منعهم العجز.
[٥٧] قال الله تعالى : (فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (٥٧) أي : بساتين مصر وجناتها الفائقة ، وعيونها المتدفقة ، وزروع ، قد ملأت أراضيهم ، وعمرت بها حاضرتهم وبواديهم.
[٥٨] (وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ) (٥٨) يعجب الناظرين ، ويلهي المتأملين ، تمتعوا به دهرا طويلا ، وقضوا بلذته وشهواته ، عمرا مديدا ، على الكفر والفساد ، والتكبر على العباد والتيه العظيم.
[٥٩] (كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها) أي : هذه البساتين والعيون ، والزروع ، والمقام الكريم. (بَنِي إِسْرائِيلَ) الّذين جعلوهم من قبل عبيدهم ، وسخروا في أعمالهم الشاقة. فسبحان من يؤتي الملك من يشاء ، وينزعه عمن يشاء ، ويعز من يشاء بطاعته ، ويذل من يشاء بمعصيته.
[٦٠] (فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ) (٦٠) أي : اتبع قوم فرعون ، قوم موسى ، وقت شروق الشمس ، وساقوا خلفهم محثين ، على غيظ وحنق قادرين.
[٦١] (فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ) أي : رأى كل منهما صاحبه ، (قالَ أَصْحابُ مُوسى) شاكين لموسى وحزنين (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) ،
[٦٢] ف (قالَ) موسى ، مثبتا لهم ، ومخبرا لهم بوعد ربه الصادق : (كَلَّا) أي : ليس الأمر كما ذكرتم ، أنكم مدركون. (إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) لما فيه نجاتي ونجاتكم.
[٦٣] (فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ) فضربه (فَانْفَلَقَ) اثني عشر طريقا (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ) أي : الجبل (الْعَظِيمِ) فدخله موسى وقومه.
[٦٤] (وَأَزْلَفْنا ثَمَ) في ذلك المكان (الْآخَرِينَ) أي : فرعون وقومه ، وقربناهم ، وأدخلناهم في ذلك الطريق ، الذي سلك منه موسى وقومه.
[٦٥] (وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ) (٦٥) استكملوا خارجين ، لم يتخلف منهم أحد.
[٦٦] (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) (٦٦) لم يتخلف منهم عن الغرق أحد.
[٦٧] (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) عظيمة ، على صدق ما جاء به موسى عليهالسلام ، وبطلان ما عليه فرعون وقومه. (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) مع هذه الآيات ، المقتضية للإيمان ، لفساد قلوبهم.
[٦٨] (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) بعزته أهلك الكافرين المكذبين ، وبرحمته نجى موسى ، ومن معه أجمعين.
[٦٩] (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ) (٦٩) أي : واتل يا محمد على الناس ، نبأ إبراهيم الخليل ، وخبره الجليل ، في هذه الحالة بخصوصها ، وإلا ، فله أنباء كثيرة ، ولكن من أعجب أنبائه ، وأفضلها ، هذا النبأ المتضمن لرسالته ، ودعوته قومه ، ومحاجته إياهم ، وإبطاله ما هم عليه.
[٧٠ ـ ٧١] ولذلك قيده بالظرف فقال : (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ (٧٠) قالُوا) متبجحين بعبادتهم. (نَعْبُدُ أَصْناماً) ننحتها ونعملها بأيدينا. (فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ) أي : مقيمين على عبادتها في كثير من أوقاتنا.