ناقض للوضوء. الثاني والثلاثون : اشتراط عدم الماء ، لصحة التيمم. الثالث والثلاثون : أن مع وجود الماء ، ولو في الصلاة ، يبطل التيمم ، لأن الله إنما أباحه ، مع عدم الماء. الرابع والثلاثون : أنه إذا دخل الوقت ، وليس معه ماء ، فإنه يلزمه طلبه في رحله ، وفيما قرب منه ، لأنه لا يقال «لم يجد» لمن لم يطلب. الخامس والثلاثون : أن من وجد ماء لا يكفي بعض طهارته ، فإنه يلزمه استعماله ، ثم يتيمم بعد ذلك. السادس والثلاثون : أن الماء المتغير بالطاهرات ، مقدم على التيمم ، أي يكون طهورا ، لأن الماء المتغير ماء ، فيدخل في قوله : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً). السابع والثلاثون : أنه لا بد من نية التيمم لقوله : (فَتَيَمَّمُوا) أي : اقصدوا. الثامن والثلاثون : أنه يكفي التيمم بكل ما تصاعد على وجه الأرض ، من تراب وغيره. فيكون على هذا ، قوله : (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) إما من باب التغليب ، وأن الغالب أن يكون له غبار يمسح منه ، ويعلق بالوجه واليدين. وإما يكون إرشادا للأفضل ، وأنه إذا أمكن التراب الذي فيه غبار فيه ، فهو أولى. التاسع والثلاثون : أنه لا يصح التيمم بالتراب النجس ، لأنه لا يكون طيبا ، بل خبيثا. الأربعون : أنه يمسح في التيمم ، الوجه واليدان فقط ، دون بقية الأعضاء. الحادي والأربعون : أن قوله : (بِوُجُوهِكُمْ) شامل لجميع الوجه أن يعمه بالمسح ، إلا أنه معفو عن إدخال التراب في الفم والأنف ، وفيما تحت الشعور ، ولو خفيفة. الثاني والأربعون : أن اليدين تمسحان إلى الكوعين فقط ، لأن اليدين عند الإطلاق ، كذلك. فلو كان يشترط إيصال المسح إلى الذراعين ، لقيده الله بذلك ، كما قيده في الوضوء. الثالث والأربعون : أن الآية عامة في جواز التيمم ، لجميع الأحداث كلها ، الحدث الأكبر ، والأصغر ، بل ونجاسة البدن ، لأن الله جعلها بدلا عن طهارة الماء ، وأطلق في الآية ، فلم يقيد. وقد يقال : إن نجاسة البدن ، لا تدخل في حكم التيمم ، لأن السياق في الأحداث ، وهو قول جمهور العلماء. الرابع والأربعون : أن محل التيمم في الحدث الأصغر والأكبر ، واحد ، وهو الوجه واليدان. الخامس والأربعون : أنه لو نوى من عليه حدثان ، التيمم عنهما ، فإنه يجزىء ، أخذا من عموم الآية وإطلاقها. السادس والأربعون : أنه يكفي المسح بأي شيء كان ، بيده أو غيرها ، لأن الله قال : (فَامْسَحُوا) ولم يذكر الممسوح به ، فدل على جوازه بكل شيء. السابع والأربعون : اشتراط الترتيب في طهارة التيمم ، كما يشترط ذلك في الوضوء. ولأن الله بدأ بمسح الوجه ، قبل مسح اليدين. الثامن والأربعون : أن الله تعالى ـ فيما شرعه لنا من الأحكام ـ لم يجعل علينا في ذلك من حرج ولا مشقة ولا عسر. وإنما هو رحمة منه بعباده ، ليطهرهم ، وليتم نعمته عليهم. وهذا هو التاسع والأربعون : أن طهارة الظاهر بالماء والتراب ، تكميل لطهارة الباطن بالتوحيد ، والتوبة النصوح. الخمسون : أن طهارة التيمم ـ وإن لم يكن فيها نظافة وطهارة ، تدرك بالحس والمشاهدة ، فإن فيها طهارة معنوية ، ناشئة عن امتثال أمر الله تعالى. الحادي والخمسون : أنه ينبغي للعبد أن يتدبر الحكم والأسرار ، في شرائع الله ، في الطهارة وغيرها ليزداد معرفة وعلما ، ويزداد شكرا لله ومحبة له ، على ما شرع من الأحكام التي توصل العبد إلى المنازل العالية الرفيعة.
[٧] يأمر تعالى عباده بذكر نعمه الدينية والدنيوية ، بقلوبهم وألسنتهم. فإن في استدامة ذكرها ، داعيا لشكر الله تعالى ، ومحبته ، وامتلاء القلب من إحسانه. وفيه زوال للعجب ، من النفس ، بالنعم الدينية ، وزيادة لفضل الله وإحسانه. و (وَمِيثاقَهُ) أي : واذكروا ميثاقه (الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ) أي : عهده الذي أخذه عليكم. وليس المراد بذلك ، أنهم لفظوا ونطقوا بالعهد والميثاق. وإنما المراد بذلك ، أنهم ـ بإيمانهم بالله ورسوله ـ قد التزموا طاعتهما.
ولهذا قال : (إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا) أي : سمعنا ما دعوتنا به ، من آياتك القرآنية والكونية ، سمع فهم ، وإذعان ، وانقياد. وأطعنا ما أمرتنا به ، بالامتثال ، وما نهيتنا عنه بالاجتناب. وهذا شامل لجميع شرائع الدين ، الظاهرة والباطنة. وأن المؤمنين يذكرون في ذلك ، عهد الله وميثاقه عليهم ، وتكون منهم على بال ، ويحرصون على أداء ما أمروا به كاملا غير ناقص. (وَاتَّقُوا اللهَ) في جميع أحوالكم (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي : ما تنطوي عليه ،