ثمّ انقطع خبرهم ، فقال : (فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) أخبره أنه إنما احتبس الوحي عنه أربعين صباحا لأنه قال لقريش : غدا أخبركم بجواب مسائلكم ولم يستثن ، فقال الله : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً)(١).
ثمّ عطف على الخبر الأوّل الذي حكى عنهم أنّهم يقولون : ثلاثة رابعهم كلبهم فقال : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً)(٢) وهو حكاية عنهم ولفظه خبر ، والدليل على أنه حكاية عنهم قوله : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٣)» (٤).
قال ابن عباس (رضي الله عنه) : لما ولي عمر بن الخطاب الخلافة أتاه قوم من أحبار اليهود ، فقالوا : يا عمر ، أنت وليّ الأمر من بعد محمد؟ قال : نعم ، قالوا : إنا نريد أن نسألك عن خصال إن أخبرتنا بها دخلنا في الإسلام ، وعلمنا أن دين الإسلام حقّ ، وأنّ محمدا كان نبيا ، وإن لم تخبرنا بها علمنا أن دين الإسلام باطل وأن محمدا ـ لم يكن نبيّا.
فقال عمر : سلونا عما بدا لكم ، فسألوه عن مسائل ـ مذكورة في الحديث حذفناها للاختصار ـ قال : فنكس عمر رأسه في الأرض ، ثم رفع رأسه إلى علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فقال : يا أبا الحسن ، ما أرى جوابهم إلا عندك ، فإن كان لها جواب فأجب.
فقال لهم عليّ عليهالسلام : «سلوا عمّا بدا لكم ، ولي عليكم شريطة».
__________________
(١) الكهف : ٢٣ ـ ٢٤.
(٢) الكهف : ٢٥.
(٣) الكهف : ٢٦.
(٤) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣١.