ومنع الاستحالة على الأول نظرا إلى أن المعرّف لما كان علة للعلم بالمعرّف لا له نفسه فتعدده لا يستلزم لتعدد المعلوم بل مستلزم لتأكد العلم وقوته مع بقاء المعلوم على وحدته. ويؤيده ما عن بعض المحققين من أن للعلم مراتب أربعة : (اليقين ، وعلم اليقين ، وحق اليقين ، وعين اليقين) المتدرجة في الضعف والقوة. مما لا وجه له ، لما فيه ـ مضافا إلى استلزامه لأن يكون أحد المعرّفين مثلا لغوا أو مؤكدا مع أنه خلف ومحال ـ لا خفاء فيه من الخلط بين المعلول وغيره ، والمنفي تعدده ولو كيفا بناء عليه هو الثاني دون الأول ، لأن اختلاف العلم في الضعف والقوة هو عين تعدده من حيث الكيف والمرتبة.
ودعوى ظهور لفظ التعدد فى التعدد الكمي واختصاصه به. مخالفة لما هو المعلوم بالضرورة من أن تعدد كل شيء بحسبه ولا مجال لإنكاره جدا.
وأجاب بعض المحققين عن المنع بوجه يكون جوابا لما ذكرناه في جوابه أيضا ، محصله : إن العلم عبارة عن الانكشاف لا مرتبة له سواه ، وتعدده عند تعدد المعرّف مما لا يساعد عليه الوجدان المحكم في أمثاله ، فحصوله من المعرّف الثاني بعد حصوله من المعرّف الأول تحصيل للحاصل ، لا خفاء في بطلانه. لكنه مما لا وجه له ، لأن العلم : إما حقيقة في الانكشاف والإدراك المطلق المنقسم إلى التصور والتصديق أو حقيقة في الثاني المنقسم إلى ما يزول بتشكيك المشكك وإلى ما لا يزول به ، فاختلافه من حيث الكيف والمرتبة مما لا يعتريه الريب والشبهة.
فبما ذكرنا كله ظهر أن الفرق بين المعرّف والمؤثر بجواز تعدد الأول دون الثاني ودعوى الملازمة بين صحة المبني والبناء ، مما لا وجه له جدا.