فظهر بما ذكرنا أن المراد بالتداخل على القول به فيما هو مجمع للماهيات المتعددة ، كقول المولى : أكرم عالما ، أكرم مصليا ، أكرم هاشميا ، لا بدّ أن يكون بالمعنى الثالث. فالقول ـ في مقام الرد على القول الثاني بأن تداخل المسببات إنما هو في الماهيات المتصادقة كالمثال المزبور كما في الماهية الواحدة كما أفاده بعض المحققين قدسسره ، مما لا وجه له كما لا يخفى ، فاغتنم.
(الأمر السادس) :
قد ظهر بما ذكرناه في سابقة أن المسألة عقلية والخلاف فيها في الحكم العقلي ، وهو إما وجداني أو برهاني.
والمراد بالأول هو ما لا واقع له سوى الوجدان ، فيكون الوجدان ظرفا لثبوته لا طريقا إلى العلم بثبوته ، كالفرح والألم ونحوهما مما يكون الوجدان ظرفا لثبوته. وبالثاني مما له واقع يكون البرهان العقلي طريقا إلى العلم به في ظرفه ، كتركب الجسم وحدوث العالم ونحوهما مما يكون العقل طريقا للعلم به في ظرفه. والثاني لا بدّ إما من أن ينتهي إلى الوجدان أو إلى غيره من إحدى الضرورات الستة المعروفة المذكورة في محلها ، لاستلزام عدمه التسلسل الذي لا خفاء في بطلانه ، فصار المجموع ثلاثة.
والأول منها مما لا يتطرق إليه الشك والحيرة ، لما عرفت من أنه لا واقع له سوى الوجدان ، وهو لا يقبل الشك جدا.
وكذلك الثاني ، لأنه بأوله إليه يكون حكمه حكمه في عدم تطرق الشك إليه.
فما يتطرق إليه الشك من الثلاثة هو الثالث ، لأن وقوع الشك في الأمور