وعلة للآخر ، والثالث أن يكون كلاهما معلولين لعلة واحدة. والمتصور في الأسباب الشرعية هو الثالث لا غيره.
أما الأول ـ وهو أن يكون الأول سببا وعلة للثاني ـ فلأن المراد بالمعرّف هنا غيره ظاهرا ، لأن تقسيم السبب إلى المؤثر والمعرف وجعل الثاني مقابلا للأول كما هو الظاهر يقضي بكون المعرف قسيما للمؤثر ومقابلا له ، وعلى وجه التباين لا على وجه العموم والخصوص ولا وجه الاتحاد والعينية ، وإلا لغي التقسيم وبطلت المقابلة كما لا يخفى.
وأما الثاني ـ وهو أن يكون الثاني سببا وعلة للأول ـ فلأن الأسباب الشرعية كالبول والحيض والجنابة ونحوها ، ليست معلولات لمسبباتها التي هي الأحكام الشرعية ؛ ضرورة أن البول ليس معلولا للحدث ولا لوجوب الوضوء ، والجنابة ليست معلولة لحدث الجنابة ولا لوجوب الغسل ، وهكذا سائر الأسباب الشرعية. فتعين الثالث ، وهو أن يكون كلاهما معلولين لعلة واحدة ، إذ لا مانع من أن يكون البول ووجوب الوضوء أو الجنابة ووجوب الغسل كلاهما معلولين لأمر آخر ، هو علة لهما عند الشارع وإن لم نعلمه بعينه.
ومنعه ـ نظرا إلى انفكاك الأسباب الشرعية عن الأحكام المترتبة عليها ، فربما يوجد البول أو النوم ونحوهما مثلا ولا يجب الوضوء ، والانفكاك دليل على عدم كونهما معلولين لعلة واحدة ، أو نظرا إلى أن الأسباب الشرعية غالبا من الأمور القابلة للتكرار دون مسبباتها كالحدث ونحوه ، فإنه أمر بسيط وحالته وحدانية لا تتكرر بتكرر أسبابه كالنوم والبول والجنابة ونحوها ، فكونهما معلولين لعلة واحدة لا يجتمع مع كون أحدهما قابلا للتكرار دون