وكان لزوجها جار صالح من بني إسرائيل ، وكان له بستان يعيش به إلى جانب قصر الملك ، وكان الملك يكرمه ، فسافر مرّة فاغتنمت امرأته سفره وقتلت العبد الصالح ، وأخذت بستانه غصبا من أهله وولده ، وكان ذلك سبب سخط الله عليهم ، فلمّا قدم زوجها أخبرته الخبر ، فقال لها : ما أصبت.
فبعث الله إلياس النبيّ عليهالسلام يدعوهم إلى عبادة الله ، فكذّبوه وطردوه وأهانوه وأخافوه ، وصبر عليهم واحتمل أذاهم ، ودعاهم إلى الله تعالى فلم يزدهم إلّا طغيانا ، فآلى الله على نفسه أن يهلك الملك والزانية إن لم يتوبوا إليه ، وأخبرهما بذلك ، فاشتدّ غضبهم عليه وهمّوا بتعذيبه وقتله ، فهرب منهم ، فلحق بأصعب جبل ، فبقي فيه وحده سبع سنين ، يأكل من نبات الأرض وثمار الشجر ، والله يخفي مكانه.
فأمرض الله ابنا للملك مرضا شديدا حتّى يئس منه ، وكان أعزّ ولده عليه ، فاستشفعوا إلى عبدة الصنم ليستشفعوا له فلم ينفع ، فبعثوا الناس إلى حدّ الجبل الذي فيه إلياس عليهالسلام فكانوا يقولون : اهبط إلينا واشفع لنا ، فنزل إلياس من الجبل.
وقال : إنّ الله أرسلني إليكم وإلى من وراءكم ، فاسمعوا رسالة ربّكم ، يقول الله : ارجعوا إلى الملك ، فقولوا له : إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا ، إله بني إسرائيل الذي خلقهم ، وأنا الذي أرزقهم وأحييهم وأميتهم وأضرّهم وأنفعهم ، وتطلب الشفاء لابنك من غيري ، فلمّا صاروا إلى الملك وقصّوا عليه القصّة امتلأ غيظا.
فقال : ما الذي منعكم أن تبطشوا به حين لقيتموه (١) وتوثقوه وتأتوني به فإنّه عدوّي ، قالوا : لمّا صار معنا قذف في قلوبنا الرعب عنه ، فندب خمسين من قومه من ذوي البطش وأوصاهم (٢) بالاحتيال له وإطماعه في أنّهم آمنوا به ليغترّ
__________________
(١) في «ر» «س» : (رأيتموه).
(٢) في «ر» «س» : (وصّاهم).