الأطبّاء وابتدأه بالتعظيم له والرفق به ، ومنّه سرعة الشفاء بلا دواء تسقيه ولا كيّ تكويه ، وإذا رأيته قد أقبل وجهه (١) إليك ، فقل : إنّ شفاء دائك في دم صبيّ رضيع بين أبويه يذبحانه لك طائعين غير مكرهين ، فتأخذ من دمه ثلاث قطرات فتسعط به في منخرك الأيمن تبرأ من ساعتك ، ففعل النبيّ ذلك فقال الملك : ما أعرف في الناس هذا ، فقال : إن بذلت العطيّة وجدت البغيّة (٢).
قال : فبعث الملك بالرسل في ذلك ، فوجدوا جنينا بين أبويه محتاجين ، فأرغبهما في العطيّة ، فانطلقا بالصبيّ إلى الملك ، فدعا بطاس فضّة وشفرة ، وقال لأمّه : امسكي ابنك في حجرك.
فأنطق الله الصبيّ وقال : أيّها الملك ، كفّهما عن ذبحي فبئس الوالدان هما ، أيّها الملك : إنّ الصبي الضعيف إذا ضيم (٣) كان أبواه يدفعان عنه ، وأنّ أبويّ ظلماني ، فإيّاك أن تعينهما على ظلمي. ففزع الملك فزعا شديدا ، أذهب عنه الداء.
ونام روذين في تلك الحالة ، فرأى في النوم من يقول له : الإله الأعظم أنطق الصبيّ ، ومنعك ومنع أبويه من ذبحه ، وهو ابتلاك بالشقيقة لينزعك من سوء السيرة في البلاد ، وهو الذي ردّك إلى الصحّة ، وقد وعظك بما أسمعك ، فانتبه ولم يجد وجعا ، وعلم أنّ كلّه من الله تعالى ، فسار في البلاد بالعدل (٤).
فصل
[قصّة أصحاب الأخدود]
[٣٤٩ / ٥] ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه ، عن عمّه محمّد
__________________
(١) في البحار : (بوجهه).
(٢) البغيّة كالرضيّة : ما يرغب فيه ويطلب.
(٣) في «ر» «س» «ص» : (أضيم).
(٤) عنه في بحار الأنوار ١٤ : ٥١٤ / ٣.