وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ
____________________________________
[١١](وَأَلْقِ) أي اطرح من يدك (عَصاكَ) فلقد كانت في يده عليهالسلام عصا ، فألقاها فصارت حية (فَلَمَّا رَآها) موسى عليهالسلام ، وإتيان الضمير مؤنثا ، لكون العصي مؤنث سماعي (تَهْتَزُّ) أي تتحرك بشدة ، (كَأَنَّها جَانٌ) وهي الحية الصغيرة ، والمراد أنها في خفة حركتها ـ مع عظم جثتها ـ كالحيّة الصغيرة التي تتحرك بكل سرعة وخفّة (وَلَّى) موسى عليهالسلام (مُدْبِراً) فجعل يركض إلى الوراء خوفا منها (وَلَمْ يُعَقِّبْ) أي لم يرجع ولم يلتفت ، فكأنّ الراجع والملتفت يعقب الأمر السابق ، بخلاف الماشي في طريقه الذي لا يلتفت ، ولعلّ إلقاء هذا الخوف في قلب موسى عليهالسلام كان لحكمة التدريب على تحمل المشاق فإن الإنسان ينضج بسبب المخاوف والأتعاب ، فيكون أصلح لإدارة دفة الحياة.
وهناك خوطب بقوله سبحانه (يا مُوسى لا تَخَفْ) من هذه الحية (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) فإنهم بعين الله سبحانه ، ومعنى «لديّ» لدى لطفي بهم وعنايتي لهم وهذا الكلام كان تمهيدا لتقوية قلب موسى حتى يلاقي المكذبين والمهددين برباطة جأش وقلب قويّ غير وجل.
[١٢](إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) استثناء منقطع ، وقد ذكرن ا أن مثل هذا الاستثناء إنما يؤتى به بملاحظة انسلاخ المستثنى منه عن القيد ، فكأنه قال «إني لا يخاف لدي أحد» «إلّا من ظلم» «أما المرسلون فلا يخافون» (ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ) أي تاب ـ وهو حسن ـ بعد العصيان ـ وهو سوء ـ