فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨) يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩)
____________________________________
من أن كلا من الجمع والجنس يقوم مقام الآخر ، فيراد من الجمع الواحد فما فوق ، ومن الجنس ، الجمع.
[٩](فَلَمَّا جاءَها) أي جاء موسى عليهالسلام نحو النار ووصل إليها (نُودِيَ) من قبل الله سبحانه ، والمنادي إما هو الله سبحانه ، بأن خلق صوتا سمعه موسى عليهالسلام ، أو بعض الملائكة بإذنه سبحانه (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها) ولم يكن ما رآه موسى عليهالسلام نارا ، وإنما هو نور يتراءى كالنار ، والذين كانوا فيها هم الملائكة والأرواح الطاهرة ، والذين كانوا حولها هم موسى والملائكة الحافين بها وبه عليهالسلام ، والمراد بالبركة هي الخير الكثير ، والمعنى أن موسى والملائكة أنعموا ـ بتفضيل الله لهم ـ ومنحوا الخير الكثير الدائم ، ولعلّ ظهور النار لأجل الإشارة إلى الهداية ، فكما يهدي الضياء الحائر إلى الطريق ، كذلك تهدي الرسالة الناس إلى السعادة ، والظاهر أن قوله «أن بورك» دعاء بهذا اللفظ ، وهو تبريك بالرسالة ، كما يبارك الإنسان من يظفر بمنصب أو نعمة (وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) سبحان منصوب على تقدير فعل محذوف أي أسبح وأنزه الله تنزيها ، ولعل الإتيان بهذه الجملة هنا ، لإفادة أن أول الإيمان هو تنزيه الله من الشرك ، أو لأجل دفع أن يتوهم أن الله جسم موجود في تلك النار ، وهو الذي يتكلم بفمه ولسانه.
[١٠](يا مُوسى إِنَّهُ) أي المتكلم (أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ) الغالب في سلطانه القاهر لأعدائه (الْحَكِيمُ) الذي يفعل كل شيء بالحكمة والصلاح.