فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤) وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ
____________________________________
من النيران والهوان (فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) أي منزل لهم من «ثوى» بمعنى اتخذ المنزل ، والمعنى أن صبرهم لا ينفعهم ، كما كان ينفع في الدنيا (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا) أي ليطلبوا العتبى ، وهي بمعنى «الرضا» أي يطلبوا رضاه سبحانه عنهم حتى ينجيهم مما فيه (فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) ـ بصفة اسم المفعول ـ أي ممن يرضى عنه ، فإن المعتب هو الذي يقبل عتابه ، ويجاب إلى ما سأل.
[٢٦] وقد جرت عادة الله في الكون ، أن الإنسان ، إذا عاشر الأخيار ، يقودونه إلى الخير ، وإن عاشر الأشرار ، يقودونه إلى الشر ، وإذا انحرف الإنسان لما رأى الهدى ، لا بد وأن يلتحق بقافلة الأشرار ، وهذا معنى تهيئة الله لرفقاء السوء ، فإنه حيث جرت سنته الكونية على ذلك نسبت التهيئة ، لقرين السوء إليه (وَقَيَّضْنا) أي هيئنا (لَهُمْ) أي لهؤلاء الكفار (قُرَناءَ) جمع قرين ، وهو الصديق المقارن للإنسان (فَزَيَّنُوا) أولئك القرناء (لَهُمْ) أي لهؤلاء الكفار (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من أمور الدنيا الحاضرة ، بأن زينوا لهم الكفر والعصيان (وَما خَلْفَهُمْ) من أمور الدنيا الآتية ، كتأسيس أسباب الفسق والعصيان ، كالبدع الباقية ، وبناء محلات الفساد ، وما أشبه ذلك ، ولعل العموم شامل للشياطين أيضا ، كما قال سبحانه (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) (١)
__________________
(١) الزخرف : ٣٧.