وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ
____________________________________
[٢٢](وَقالُوا) أي قال أعداء الله (لِجُلُودِهِمْ) والظاهر أن المراد تغليب الجلود ، لا أن خطابهم خاص بها (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا)؟ حتى نبتلي بالعقاب ، وتتم الحجة علينا ، يقولون ذلك معاتبين (قالُوا) أي قالت الجلود في جوابهم ، وإنما جيء بلفظ العاقل ، لأنهم حيث أخذوا في التكلم ، صاروا كأنهم عقلاء (أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) من الأشياء الناطقة ، وإنما جيء ب «كل شيء» لأن الجلود من الأشياء ، وليست من الأشخاص ، فقد ردفت ردف «اللسان» في الإنسان ، والطيور الناطقة ونحوهما (وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) الظاهر أنه جملة مستأنفة خطاب من الله للكفار في الدنيا ، أي كيف تنكرونه ، وهو خالقكم؟ (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) في الآخرة ، والرجوع إنما هو إلى حكمه وحسابه وجزائه ، ويحتمل أن يكون هذا من تتمة كلام الجلود ـ ولكن بتأوّل ـ.
[٢٣] ثم رجع السياق إلى كلام الجلود مع الكفار يوم القيامة ، إذ تقول لهم «ما سترتم المعاصي خوف شهادتنا عليكم ، بل كان ستركم لها ظنكم بعدم علم الله إن سترتم» وتريد الأعضاء أن تثبت بهذا الكلام ، رذيلة أخرى على الكفار ـ فوق ارتكابهم العصيان ـ وهي أنهم كانوا يظنون عدم علم الله تعالى بأحوالهم واطلاعه على عصيانهم ، وهذا كما لو قال الشاهد للمجرم : إنك لم تخف مني ، ولذا لم يكن سترك من خوفي ، وإنما كان سترك للجريمة ، لأنك لا تعتقد بعقاب الحاكم لك (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ) المعاصي بإتيانها في السرّ مخافة (أَنْ يَشْهَدَ