بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٤) وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (٥)
____________________________________
[٥] في حال كون هذا القرآن (بَشِيراً) للمؤمن والمحسن ، بالجنة والثواب (وَنَذِيراً) للكافر والعاصي ، بالنار والعقاب ، وذلك بما اشتمل عليه من آيات الوعد والوعيد (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ) أي أكثر المخاطبين به ـ إلى حين نزول هذه السورة ـ والمراد بهم أهل مكة (فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) القرآن ، استماع تفكر وتعقل وفائدة.
[٦](وَقالُوا) أي الكفار المعرضون (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ) أي في أغطية ، فإن «أكنة» جمع «كن» وهو الغطاء (مِمَّا تَدْعُونا) يا محمد (إِلَيْهِ) من التوحيد والمعاد ، وسائر الأصول والفروع ، فلا نفقه ما تقول ، كالشيء الذي عليه غطاء ، حيث لا ينفذ فيه البصر والسمع لحيلولة الغطاء بينه وبين الإبصار والاستماع ، وكانوا يقولون هذا القول استهزاء بالرسول والقرآن (وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) أي حمل ثقيل ، فلا نسمع ما تلفظ منه ، من آي القرآن (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ) يا محمد (حِجابٌ) لا نراك ولا ترانا فقلبنا وسمعنا وبصرنا ، غير مستعدة لك ولكلماتك ، وكما كان قوم نوح يفعلون ذلك (وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ) (١) فقوم الرسول ، كانوا يقولونه قولا (فَاعْمَلْ) يا محمد على طبق وحيك (إِنَّنا عامِلُونَ) على طبق تقاليدنا ، وهذا يشبه الاستهزاء أو التهديد ، قريب من قوله تعالى (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (٢).
__________________
(١) نوح : ٨.
(٢) الكافرون : ٧.