أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨٣)
____________________________________
[٨٣] وبعد الاحتجاج على الكفار بصنوف الاستدلال لتهديدهم ، إن تمادوا في الغي والضلال ، وإنه يصيبهم ما أصاب الأمم السابقة ، لما تمادوا في الكفر والطغيان (أَفَلَمْ يَسِيرُوا) أي يسافروا هؤلاء الكافرين (فِي الْأَرْضِ) إلى الشام وإلى اليمن (فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم المكذبة ، والنظر إنما هو بالنظر إلى أراضيهم وطلالهم ، والسؤال عن أحوالهم ، من الساكنين هناك (كانُوا) أولئك الأمم (أَكْثَرَ مِنْهُمْ) عددا (وَأَشَدَّ قُوَّةً) بدنية وعلمية وغيرهما (وَ) أكثر (آثاراً فِي الْأَرْضِ) بالزراعة والعمارة والصناعة ، ونحوها (فَما أَغْنى عَنْهُمْ) أي ما أفادهم في دفع العذاب عنهم (ما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي ما كسبوه من البنيان والعمارة والأموال والقوى ، وغيرها.
[٨٤](فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي بالأدلة البينة الواضحة ، الدالة على وجود الله ، وسائر صفاته (فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) أي فرح الكفار بعلمهم الوراثي التقليدي حول الأصول ، واستحقروا علم الرسل (وَ) استهزءوا بما أتت به الرسل ، ف (حاقَ) أي حل وأحاط (بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) من العذاب ، فقد كان الكفار يستهزءون بما يعدهم الرسل من العذاب ، وأخيرا وقعوا فيه.