وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (١٨) يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩)
____________________________________
[١٩](وَأَنْذِرْهُمْ) يا رسول الله ، أي خوّفهم من العذاب (يَوْمَ الْآزِفَةِ) من أزف بمعنى دنى ، ويسمى يوم القيامة ، بالآزفة لدنوها ، والآزفة ليست رفعة لليوم ـ في المقام ـ وإنما مضاف إليها ، نحو يوم القيامة (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ) فإن الإنسان إذا خاف كثيرا حدثت فيه الحرارة الزائدة ، ولذا تنتفخ الرئة ، وتكبر لجلب الهواء الكثير لتبريد القلب ، فتضغط على القلب ، وترفعه عن موضعه ، فيأتي قريب الحنجرة (كاظِمِينَ) أي في حال كونهم امتلأوا غما وغيضا ، لكنهم كظموه وأخفوه ، فلم ينطقوا بشيء خوفا ورعبا ، يقال : كظم فلان غيظه إذا أخفاه (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ) أي ليس للذين ظلموا أنفسهم بالكفر والعصيان من صديق هناك ، إذ أصدقاؤهم في الدنيا يفرون منهم (وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) فإن هناك لا شفاعة إلا لمن أذن له الرحمن ، والإتيان ب «يطاع» لبيان النتيجة ، أي لا خلاص لهم ، وإلا فهناك لا شفيع لهم إطلاقا.
[٢٠] وقد علم سبحانه جميع أعمالهم ونياتهم ، فيجازيهم حسب الأعمال (يَعْلَمُ) تعالى (خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) أي خيانة العين ، بأن تنظر إلى ما حرمه الله تعالى ، وإنما سمي خيانة ، لأنها تنظر بسرقة وخيانة ، لئلا يعرف الناس أنه نظر إلى الشيء الفلاني (وَ) يعلم (ما تُخْفِي الصُّدُورُ) وتنويه فهو مطلع على النيات ، وإنما نسب الاختفاء إلى الصدور ، لأن القلب في الصدر.