فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (٤) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ
____________________________________
فإنهم يخاصمون حول أصل وجود الإله ، أو صفاته ، وإلا فالمصنف لا بد وأن يستدل من الآيات الكونية على وجوده سبحانه (فَلا يَغْرُرْكَ) يا رسول الله (تَقَلُّبُهُمْ) أي تقلب الكفار وتصرفهم (فِي الْبِلادِ) بالعزة والتجارة ، بأن يوجب هذا التصرف للمشاهد شكا في أنه لو كان هناك إله لأخذهم أخذ مقتدر ، وضيّق عليهم المسالك ، فهو يغتر ، ويخدع ـ عن الحقيقة ـ بهذا التقلب والتصرف ، فالخطاب ، وإن كان حسب الظاهر متوجها إلى الرسول ، إلا أنه في الحقيقة لإيقاظ الناس عامة ، أو أن المخاطب هو العام ، أي «لا يغررك أيها الناظر إلى الكفار».
[٦] فإنهم إنما يتقلبون بمهلة الله لهم حتى يستنفدوا كل أمرهم ، وتظهر ضمائرهم ، وهناك الأخذ الشديد ، كما كان يفعل سبحانه بالأمم السابقة ، فقد (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) أي قبل كفار مكة (قَوْمُ نُوحٍ) رسولهم نوحا عليهالسلام (وَ) كذبت (الْأَحْزابُ) أي الأمم الذين تحزبوا على الرسل ، رسلهم (مِنْ بَعْدِهِمْ) أي من بعد قوم نوح ، كعاد وثمود وقوم لوط وقوم إبراهيم ، وغيرهم (وَهَمَّتْ) أي قصدت (كُلُّ أُمَّةٍ) من تلك الأمم المكذبة (بِرَسُولِهِمْ) قصد سوء (لِيَأْخُذُوهُ) أي يأخذوا الرسول ، للحبس أو القتل أو النفي (وَجادَلُوا بِالْباطِلِ) أي خاصموا رسلهم بمجادلات ومحاورات باطلة ، حول الألوهية والرسالة والمعاد (لِيُدْحِضُوا) أي يبطلوا (بِهِ) أي بسبب الجدال الباطل (الْحَقَ)