بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى
____________________________________
بَعْدِ خَلْقٍ) فنطفة فعلقة فمضغة ، فعظام فإنسان سوي ، فحياة (فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) ظلمة البطن ، وظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة ، فإن هذه الأغلفة الثلاثة محيطة بالولد حال تكوينه (ذلِكُمُ) «ذا» إشارة ، و «كم» خطاب (اللهُ رَبُّكُمْ) أيها البشر ، فإنه هو الذي خلقكم من الابتداء إلى حال الوجود ، بتلك الكيفية المدهشة (لَهُ الْمُلْكُ) كما أن له الخلق (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لا شريك له من صنم أو وثن ، أو غيرهما (فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) عن الحق ، أي إلى أين يصرفكم الشيطان والكفار؟ حتى تقولون بالشريك لله سبحانه.
[٨](إِنْ تَكْفُرُوا) أيها البشر ، فهو يضركم ، ولا يضر الله سبحانه (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) غير محتاج إليكم ، حتى يضره كفركم (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) فإنه لم يأمر بذلك ، وهذا لنقض قول الكفار ، حيث كانوا يقولون : إن الله أمرنا بهذا (وَإِنْ تَشْكُرُوا) أيها البشر ورأس الشكر ، أن توحدوه (يَرْضَهُ) أي يرضى الشكر (لَكُمْ) ويجازيكم عليه جزاء حسنا وليعلم الكافر أن القادة لا يحملون تبعة كفرهم ، كما يقولون في الدنيا ، حيث قالوا (اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) (١) (وَلا تَزِرُ) أي لا تحمل نفس (وازِرَةٌ) أي حاملة (وِزْرَ أُخْرى) أي ذنب الشخص
__________________
(١) العنكبوت : ١٣.