ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (٣)
____________________________________
(ما نَعْبُدُهُمْ) أي إنا لا نعبد الأصنام ـ والإتيان بضمير العاقل ، باعتبار إن الكفار كانوا يعتبرون الأصنام عقلاء ـ (إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) اسم مصدر زلف بمعنى قرب ، فهو مفعول مطلق ، ب «يقربونا» أي يقربونا تقريبا ، فقد كانوا يعتقدون إن الأصنام توجب القرب من الله سبحانه ، لكنهم كاذبون في هذا الزعم ، و (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) يوم القيامة (فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) من أمور الدين ، فقد كان المشركون على اختلاف كبير بين الطوائف والعقائد ، أو أن ضمير «بينهم» يعود إلى الناس عامة ، مؤمنهم وكافرهم ، والمراد بالحكم القضاء ، وبيان أيهم مبطل ، وأيهم محق ، أو بيان أيهم مغرق في الباطل ، وأيهم ليس بتلك المثابة ، وإن كان الكل على باطل ـ وهذا بناء على رجوع ضمير بينهم إلى الكفار فقط ـ (إِنَّ اللهَ) بعد بيان الطريق ، وانحراف البعض (لا يَهْدِي) بالألطاف الخفية ، بالنسبة إلى من انحرف ، وهو الذي عبّر عنه بقوله سبحانه (مَنْ هُوَ كاذِبٌ) على الله وعلى رسوله (كَفَّارٌ) أي كثير الكفر ، فكلما رأى حقا كفر به ، بخلاف من آمن ، فإن الله يهديه ، بأن يلطف به الألطاف الخفية الزائدة على أصل الهداية ، ليزداد هدى ، كما قال تعالى : (زادَهُمْ هُدىً) (١) و (وَزِدْناهُمْ هُدىً) (٢).
__________________
(١) محمد : ١٨.
(٢) الكهف : ١٤.