تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (٢) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ
____________________________________
[٢](تَنْزِيلُ الْكِتابِ) أي نزول هذا الكتاب ، إنما هو (مِنَ اللهِ) فهذا خبر لتنزيل الكتاب (الْعَزِيزِ) الغالب في سلطانه (الْحَكِيمِ) الذي يحكم بما يريد وفق المصلحة ، ويفعل ما يشاء على طبق الصلاح ، فبحكمته أحكم الكتاب ، وبعزته أنزله للهداية والإرشاد ، وليس سحرا أو تقوّلا أو كهانة كما يقول المشركون.
[٣](إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) يا رسول الله (الْكِتابَ) أي القرآن (بِالْحَقِ) فليس إنزاله لأجل الباطل أو اللعب ، أو ما أشبه ، كما لو كتب رئيس إلى نائبه ، أن اقتل الناس ، فإنه إرسال بالباطل ، والإتيان بمادة «نزل» في الآيتين ، إما لعلو مقام المنزل ، فنزل العلو رتبة منزلة العلو حسا ، وإما حقيقة باعتبار ، إن القرآن جاء من السماء إلى الأرض (فَاعْبُدِ اللهَ) وحده لا شريك له ، كما أمرنا في الكتاب (مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) أي في حال كونك تخلص له الدين ـ وهو الطريقة ، في العقيدة والعمل ـ ولا تجعل له ندا أو شريكا ، كما يفعل المشركون.
[٤](أَلا) فلينتبه السامع (لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) يعني إن الطريقة الناصعة الخالصة من الانحراف والالتواء ، وكل سوء هي لله سبحانه ، أما سائر الطرق ، فإنها ليست خالصة ، بل في كل منها التواء وكذب وغش ، والمراد بالدين الخالص هو الإسلام (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ) أي من دون الله (أَوْلِياءَ) أي أصناما يوالونهم ، يقولون : ـ في سبب الاتخاذ ـ