وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ (٢٦) وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما
____________________________________
(وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى) الذي يأمر بالانحراف ، حسب العواطف والميول (فَيُضِلَّكَ) اتباع الهوى (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) وطريقه ، وهذا ليس معناه ، إن داود كان محتمل الانحراف ، وإنما الأوامر الصارمة ، توجّه إلى الأنبياء ، كما توجّه إلى غيرهم ، كما قال سبحانه (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (١) (إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي ينحرفون عن طريق الله ، بالحكم أو الفتوى أو الدعوة إلى الباطل (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) أي بسبب نسيانهم ، والمراد بالنسيان تركهم أحكام الله ، وحيث إن النسيان غالبا سبب لترك الأوامر ، كان الإتيان بالنسيان ، وإرادة الترك مجازا من علاقة السبب والمسبب ، ويوم الحساب ، إما متعلق ، ب «بما نسوا» أي بسبب نسيانهم ليوم الحساب ، أو متعلق ل «عذاب شديد» أي لهم عذاب شديد ، يوم الحساب بسبب نسيانهم أوامر الله.
[٢٨] وإذ وصلت القصة إلى هذا الموضع ، ألفت السياق الأذهان إلى حقيقة كبري ، هي إن العالم لم يخلق باطلا ، حتى يلائمه الحكم في القضايا بالباطل ، بل العالم خلق بالحق وللحق ، فاللازم أن تكون الأمور العملية من حكم وفتوى ، وغيرهما على الحق ، وإلا كانت العاقبة الانهيار والدمار (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) من البشر
__________________
(١) الزمر : ٦٦.