وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ (٢٤) فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥) يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ
____________________________________
استعجاله الذي كان خلاف الأولى (وَظَنَ) حينذاك (داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ) أي امتحناه بهذه الحكومة ، ويظهر من لفظ «ظن» إنه لم يتيقن ، وإنما ترجح في نظره ذلك (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ) أي طلب منه غفرانه ، فإن ترك الأولى موجب للتنقيص من الثواب ، فاستزادته بحاجة إلى الستر والغفران ، وفرض أنه لم يكن (وَخَرَّ) أي سقط داود لوجهه (راكِعاً) معظما له سبحانه ، فإن الركوع يطلق على مطلق التعظيم ، ولو بنحو السجود ، كما يدل عليه «خر» وهو الأنسب بمثل هذا المقام (وَأَنابَ) أي رجع إلى ربه ، بعد الانشغال بتلك القضية ، وقد ورد في بعض الأحاديث إن الخصمين كانا ملكين.
[٢٦](فَغَفَرْنا لَهُ) أي لداود (ذلِكَ) الترك للأولى (وَإِنَّ لَهُ) أي لداود (عِنْدَنا) أي في المحل المعد المكرم بكرامتنا ـ تشبيها للمعقول بالمحسوس ـ (لَزُلْفى) أي قربى وكرامة ، من زلف بمعنى اقترب (وَحُسْنَ مَآبٍ) أي المرجع الحسن في الآخرة.
[٢٧] ثم خاطبه الله سبحانه بقوله (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) الخليفة هو الذي يجلس مكان غيره خلفا له ، والأنبياء خلفاء الله سبحانه ، حيث إنه قررهم للقيام بأمره ، وإنفاذ حكمه في الأرض ، وكأن الإتيان ، بقوله «في الأرض» لإفادة العموم ، فليس خليفة له في بلدة أو قطر (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) المطابق للواقع