إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩) وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ (٢٠)
____________________________________
[١٩](إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ) أي جعلناها مسخرة مع داود في كونها (يُسَبِّحْنَ) بتسبيح داود (بِالْعَشِيِ) أي العصر (وَالْإِشْراقِ) أي عند شروق الشمس ، فإن داود كان إذا سبّح الله تعالى في هذين الوقتين ، كانت الجبال تردد معه التسبيح ، وقوله «يسبّحن» بلفظ العاقل ، لأن صدور محل العقلاء من الجبال يدخلها في جملتهم.
[٢٠](وَ) سخرنا لداود عليهالسلام (الطَّيْرَ) المراد به الجنس أي كل الطيور ، في حال كونها (مَحْشُورَةً) أي مجموعة له (كُلٌ) من الجبال والطير (لَهُ) أي لداود (أَوَّابٌ) أي رجّاع فكانت الطيور تردّد معه التسبيح ، كما تردد الجبال ، وقيل إنها كانت تطيعه ، فيما يأمر به.
[٢١](وَشَدَدْنا مُلْكَهُ) أي قوينا ملك داود بالحرس والمال ، وكثرة العدة والعدة (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) المراد بها ، إما النبوة ، أو أن يكون بحيث يعرف مواضع الأشياء ، فإن الحكمة هي عبارة عن علم وضع الشيء في موضعه اللائق به (وَفَصْلَ الْخِطابِ) أي الخطاب الفاصل بين الحق والباطل ، والمراد به علم القضاء ، فإنه كان يعرف كيفية الحكم بين الناس ومعرفة تمييز المحق من المبطل ، وقد كان من ذلك قاعدة «البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر».
[٢٢] ثم ينتقل السياق لينقل قصة امتحن الله بها داود عليهالسلام ، فقد جاء خصمان إلى داود في شكوى ، ولما سمع داود من المدعي كلامه حكم له ، بدون أن يستمع من المنكر ، وكان هذا الاستعجال تركا للأولى ،