بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩)
____________________________________
من هو أكبر منه سنا ، ومالا ، وجاها ، وأولادا؟ لكنهم غفلوا ، من أن مؤهلات الرسالة ، غير مؤهلات العرف والعادة ، والرسول منفرد فيها ، فليس قولهم هذا لنقص رأوه في الرسالة والرسول (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي) الذي أنزلته على الرسول ، ولم يكن الشك بحق ، فإنهم ، لو تفكروا علموا بصدق الرسول ، وإنما شك المقلد الجاهل ، الذي يرى الحق في طرف ، والتقليد في طرف آخر (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) أي عذابي ، حذف «ياء المتكلم» تخفيفا ، وهذا تهديد لهم ، بمعنى أنهم ، إنما يقولون ما يقولون لا لعدم صحة الرسالة والدعوة ، بل لأنهم منحرفون محتاجون إلى التأديب ، وسيذوقون العذاب.
[١٠] أمّا ما يقولون من أن اللازم نزول الذكر عليهم ، دون الرسول ، وقولهم (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (١) فالجواب : إن ذلك فضل الله يعطيه من يشاء (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ) حتى يفتحون خزائن الرسالة ، فيهبونها لمن شاءوا ، دون من يريده الله سبحانه؟ (الْعَزِيزِ) في سلطانه ، يفعل ما يشاء (الْوَهَّابِ) العطايا لمن يشاء ، ومن المعلوم ، إن الله سبحانه لا يهب ، إلا حسب المصلحة والحكمة ، فإنما ينزل الرسالة لمن يؤهلها ، كما قال سبحانه (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) (٢) وقال (وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ) (٣).
__________________
(١) الزخرف : ٣٢.
(٢) الأنعام : ١٢٥.
(٣) الدخان : ٣٣.