فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢) فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤)
____________________________________
ينافي ذلك ، إن لم يكن أحد مدحضا سواه.
[١٤٣](فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ) أي ابتلعه الحوت الذي كان سادا طريق السفينة ، وقد أمره الله سبحانه أن لا يؤذي يونس ، كما أوقف أجهزة هضمه عن هضم يونس ، فكان عليهالسلام في بطنه حيّا ، وإن كان في صعوبة ومشقة (وَهُوَ مُلِيمٌ) أي مستحق للوم ، يقال ألام الرجل ، بمعنى أتى بما يلام عليه ، فهو مليم ، أو المراد أنه كان يلوم نفسه ، لإتيانه بذاك المخالف للأولى ، ومعناه الشيء الذي يكون تركه أولى ، فإذا أضفت إنسانا ، كان الأولى أن تحضر له ماء غسل اليد قبل الطعام مثلا فإن لم تحضر له ، كان ذلك خلاف الأولى ، فتلوم نفسك لم ما أحضرت؟ وقد ثبت عقلا ونقلا ، إن الأنبياء منزهون عن العصيان ، فما يرى من هذا القبيل ، يكون من باب «ترك الأولى» كما حقق في علم الكلام.
[١٤٤](فَلَوْ لا أَنَّهُ) أي يونس (كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) فإنه عليهالسلام كان يقول في بطن الحوت (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (١).
[١٤٥](لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ) أي يبقى في بطن الحوت (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أي يوم القيامة ، وإنما نجّاه من بطن الحوت لتسبيحه وتنزيهه لله سبحانه ، وليس بدعا من قدرة الله سبحانه ، أن يبقي الإنسان حيا ، فإنه على ما يشاء قدير ، وما يقال : إن عمل يونس ، كان تركا للأولى ، وترك الأولى ، لا عقاب له ، فكيف عوقب يونس بحبسه في بطن الحوت؟ فالجواب إن مقام يونس
__________________
(١) الأنبياء : ٨٨.