فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧)
____________________________________
الرفيع ، يقتضي أن يكون ترك الأولى منه كالعصيان من سائر الناس ، ألا ترى إن رئيس الوزراء ، لو أتى عند الملك بما ينافي الآداب ، عدّ عاصيا ـ بلحاظ مقامه ـ وإن كان الأكبر من مثل ذلك العمل ، لا يعدّ عصيانا من سائر الناس ، ومن هاهنا قيل «حسنات الأبرار سيئات المقربين».
[١٤٦] وبعد زمان من مكث يونس في بطن الحوت (فَنَبَذْناهُ) أي أمرنا الحوت بطرحه (بِالْعَراءِ) وهو المكان الخالي من الشجر (وَهُوَ سَقِيمٌ) ذو علّة من تعب بطن الحوت.
[١٤٧](وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ) لظلاله (شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) وهو القرع ، فكان يمصه ، ويستظل به وبورقه ، وقد كان تساقط شعره عليهالسلام ، ورّق جلده.
[١٤٨](وَأَرْسَلْناهُ) إما بعد ذلك ، كما روى إنه رجع إلى أهل نينوى بعد خروجه من البحر ، أو حكاية لما قبل ذهابه عنهم (إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) إما أن «أو» بمعنى الواو ، كما قال ابن مالك :
وربما عاقبت الواو إذا |
|
لم يلف ذو النطق للبث منفذا |
أو بمعنى الترديد ، لأجل عدم الاهتمام بالخصوصية ، وقد روى عن الصادق عليهالسلام : إنهم زادوا ثلاثين ألفا (١) ، ويمكن أن يكون الترديد باعتبارين ، فباعتبار المدينة ، كانوا مائة ألف ، وباعتبار أطرافها كانوا يزيدون.
__________________
(١) الكافي : ج ١ ص ١٧٤.