مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ (٩) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ (١٠) فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ
____________________________________
للاستماع (مِنْ كُلِّ جانِبٍ) من جوانب السماء بالشهب ، كاللص الذي يرميه الإنسان ، إذ رآه يريد سرقته ، فقد جعل الله سبحانه الكواكب محلات للإرصاد ، فهناك ملائكة ينظرون إلى الملأ الأعلى ، فمهما اقترب منه شيطان رموه بالشهب ـ وهي النيازك ـ ينحونه عن الاقتراب ، وهذا لا ينافي في تعليل النيازك ، بعلل ظاهرة ، فإنه سبحانه جعل للأشياء عللا ظاهرة ، وعللا خفية ، كالميت الذي إنما يموت بالسم ظاهرا ، وبقبض ملك الموت لروحه باطنا ، وكالكسوف الذي هو لكثرة المعاصي باطنا ، ولحيلولة القمر بين الأرض والشمس ظاهرا.
[١٠](دُحُوراً) أي دفعا لهم بالعنف ، وطردا ، يقال دحره ، إذا طرده بالعنف (وَلَهُمْ) أي لأولئك الشياطين (عَذابٌ واصِبٌ) أي عذاب دائم ثابت إلى يوم القيامة.
[١١](إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ) الخطف هو سلب الشيء خلسة بسرعة ، والمعنى إن الشياطين لا يسمعون إلى الملائكة ، إلا من اقترب خفية ، فاختلس بعض الكلمات ، التي تدار بين الملائكة ، بأن لقفها بسرعة (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) أي لحقته وأصابته جمرة من نار مضيئة تثقب وتحرق الشيطان من حرارتها وحدتها ، وهذه هي النيازك التي نراها في الليالي ، وذلك لا ينافي ما يعلله علم الفلك لها من أنها قذائف جوية.
[١٢] وبعد تذكير هؤلاء بما خلقنا من السماوات والكواكب ، وغيرها من المخلوقات العظيمة (فَاسْتَفْتِهِمْ) أي اسألهم يا رسول الله (أَهُمْ أَشَدُّ