فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٦) أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨)
____________________________________
[٧٧](فَلا يَحْزُنْكَ) يا رسول الله (قَوْلُهُمْ) قول هؤلاء الكفار فيك ، إنك شاعر ، أو ما أشبه ذلك (إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ) في ضمائرهم ، وبينهم في مجالسهم الخاصة (وَما يُعْلِنُونَ) في الملأ حولك ، وحول رسالتك ، من الوقيعة فيك ، ونسبتك إلى الجنون والكهانة والسحر ، وما أشبه.
[٧٨] وإذ ذكر السياق جملة حول الرسالة ، رجع إلى الكلام حول المعاد ، وقد كان من بلاغة القرآن الحكيم ، إنه لا يأتي بكلام واحد في تفصيل ، وإنما يقطع الكلام المختلف تقطيعا ، ويذكر بعض نوع في خلال نوع آخر ، حذرا من الإسهاب ، وملالة السامع (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ) المنكر للمعاد (أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ) أي قطرة من المني؟ والمراد بالرؤية العلم (فَإِذا هُوَ) إنسان كبير (خَصِيمٌ) لنا ، أي يخاصمنا في أوامرنا وأخبارنا (مُبِينٌ) ظاهر الخصومة ، فإنه يخاصم في قدرتنا على البعث ، وقد رأى كيف قدرنا على أن نصنع إنسانا ، من قطرة مني؟
[٧٩](وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً) أي ضرب مثلا لإنكاره المعاد بالعظم البالي (وَنَسِيَ خَلْقَهُ) أي ترك النظر في خلق نفسه ، حيث إن تصيير المني إنسانا ، أصعب في نظر العامة ، من تصيير العظم البالي إنسانا (قالَ) وهذا هو مثله (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) أي بالية؟ والاستفهام