فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (٩)
____________________________________
كانت كبيرة ، حتى وصلت إلى أذقانهم ، ليرفعها نحو الفوق ، فلا يتمكنون من النظر بعيونهم أمامهم ، فإن رؤوسهم بسبب تلك الأغلال مرفوعة نحو السماء ، وقيل أن المراد أيديهم مغلولة إلى الأعناق ، ف «هي» عائدة إلى الأيدي المفهومة من السياق ، وأذقان جمع ذقن ، وهو النتو وسط الفك السفلي (فَهُمْ مُقْمَحُونَ) من قمح ، بمعنى رفع رأسه إلى فوق ، فإن الأغلال ، لما امتدت إلى تحت أذقانهم ، رفعت رؤوسهم إلى السماء ، حتى لا يتمكنون من النظر أمامهم.
[١٠](وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا) أي أمامهم سدّ عن قبول الحق (وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا) فكما أن الإنسان الذي حصر بين سدين ، لا يتمكن من السير والحركة ، كذلك هؤلاء لا يتمكنون من السير مع الحق ، وإنما هم جامدون في مكانهم (فَأَغْشَيْناهُمْ) أي جعلنا على أبصارهم غشاوة ، تمنعهم عن الإبصار (فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) الحق ، وقد ورد أن هذه الآية نزلت في أبي جهل بن هشام ، ونفر من أهل بيته ، وذلك «أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قام يصلي ، وقد حلف أبو جهل لعنه الله ، لئن رآه يصلي ليدمغنّه فجاءه ومعه حجر والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قائم يصلي ، فجعل كلما رفع الحجر ليرميه ، أثبت الله عزوجل يده إلى عنقه ، ولا يدور الحجر بيده ، فلما رجع إلى أصحابه ، سقط الحجر من يده ، ثم قام رجل آخر ، وهو من رهطه أيضا ، فقال : أنا أقتله ، فلما دنا منه جعل يستمع قراءة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأرعب ، ورأى كأن فحلا حائلا بينه وبين الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فرجع إلى أصحابه ، فقال : حال بيني وبينه ، كهيئة الفحل يخطر بذنبه ـ أي يحرك ذنبه