فَهُمْ غافِلُونَ (٦) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٧) إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ
____________________________________
أن «ما» موصولة ، أي تنذرهم ، كما أنذر آباؤهم ، لكن ظاهر «الفاء» تفيد الأول (فَهُمْ غافِلُونَ) عن الأصول والآداب ، والنظام ، وإنما عبّر بالغفلة ، لأن الإنسان يكمن في نفسه الأصول والآداب (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) (١) وإنما يغفل عنها ، بسبب الأهواء ، والشهوات ، والتقاليد.
[٨](لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ) ثبت القول بالعذاب ، على أكثر هؤلاء القوم ، لعنادهم ولجاجهم في الأمر ، بعد تبين الحق ، ووضوح الحجة (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) فقد علم الله عدم إيمانهم ، أو أن المراد ، أنه ثبت القول ، بعدم الإيمان عليهم ، بما علم الله فيهم من العناد واللجاج ، فهم لا يؤمنون.
[٩] إن هؤلاء الكفار في إعراضهم كالإنسان الذي غلّت يديه مع عنقه ، وغشي على بصره ، فكيف أنه لا يتمكن أن يشرئب عنقه ليرى ، ولا أن يلمس بيده ليعلم ، ولا أن ينظر ببصره ليرى ، فإن هذه الأعضاء الثلاثة تتعاون في فهم الشيء ، وحيث أن الله سبحانه ، يرى من إنسان الإعراض عن الحق واللجاج ، يتركه حتى يضل ويتيه في أودية العماية ، فكأنّه أضلّه لأنه تركه ، كما يقال : الملك أفسد الناس إذ تركهم حتى فسدوا (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ) أي أعناق هؤلاء الكفار المعاندين (أَغْلالاً) جمع غل ، وهو السلسلة التي يربط بها المجرم في عنقه أو يده أو رجله (فَهِيَ) أي تلك الأغلال (إِلَى الْأَذْقانِ) بأن
__________________
(١) الروم : ٣١.