وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ (٢٢) قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤) قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ (٢٥)
____________________________________
[٢٣] قدّم موسى عليهالسلام جواب قول فرعون «فعلت فعلتك» لأنه كان إلصاق تهمة القتل ، ومن البلاغة أن يقدم الإنسان جواب الأهم من كلمات الخصم ، لئلا يبقى ولو لمدة تعمل أثر الكلمات في أدمغة السامعين فيذهب بالموقف عن يد المتهم ، ثم رجع عليهالسلام ليجيب عن كلامه الأول وهو امتنانه عليه بأنه ربّاه في قصره ، فقال (وَ) هل (تِلْكَ) التربية (نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَ)؟ فإن تربيتك كانت من جهة (أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) أي جعلتهم عبيدا مضطهدين ، حتى اضطرت أمي لإلقائي في البحر لنجاتي من السفاكين الذين جعلتهم لقتل كل ولد يولد لبني إسرائيل ، إنها ، بالأحرى ، عليك لا لك ، فلو لم تكن عبّدت بني إسرائيل لكفّلوني ، ولم يكون لك سبيل إليّ.
[٢٤](قالَ فِرْعَوْنُ) بعد أن انقطع عن المحاورة مع موسى حول التربية والجريمة (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) أيّ شيء هذا الذي تدعوني إلى عبادته ، وكأنه لم يقل «من» استخفافا.
[٢٥](قالَ) موسى عليهالسلام في جواب فرعون : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي خالقهما ومبدعهما (وَما بَيْنَهُمَا) من الإنسان والملك والحيوان والجماد وغيرها (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) أي إن كنتم أصحاب يقين لعلمتم أن لهذه الأشياء ربّا ، وكأن في مقابل ذلك ، من لا يبالي ولا يهتم حتى لا يعلم الارتباط وأن لكل شيء مؤثرا ، ككثير من الجهال.
[٢٦](قالَ) فرعون (لِمَنْ حَوْلَهُ) من الوزراء والحكام (أَلا تَسْتَمِعُونَ)